والوجه الرابع: قوله: { كتب على نفسه الرحمة } [الأنعام:12]، يقول: أوجب على نفسه الرحمة، أنهم إذا تابوا رحمهم، وأوجب لهم على نفسه الرحمة، فالكاتب والمكتوب عليه في هذا الموضع واحد، وهو الله رب العالمين، وكذلك قوله: { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } [المائدة:116]، يقول عيسى عليه السلام: تعلم ما غاب عني من أمري، { ولا أعلم ما في نفسك{ ؛ يقول: لا أعلم ما غاب عني من أمرك، وكذلك قوله:{ فأينما تولوا فثم وجه الله{ ، وقوله: { كل شيء هالك إلا وجهه } [القصص:88]، وقوله: { تجري بأعيننا } [القمر:14]، وقوله: { بل يداه مبسوطتان } [المائدة:64]، { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه } [الزمر :67]، فكل هذه الآيات وما أشبهها من الآيات فإنما يريد عز وجل ذاته، لا أن ثم نفسا ووجها ويدا وعينا ويمينا سواه، فاعلم ذلك، وتفكر في جميعه يبن لك الصواب، وينفى عنك الشك والارتياب بحول الله وقوته.
تم الكتاب والحمد لله وحده وصلواته على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلامه
صفحة ١١٠