[مجموعة من امفاهيم الأصولية]
الهدى
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه:
الهدى من الله عز وجل هديان: هدى مبتدأ، وهدى مكافأة.
فأما الهدى المبتدأ: فقد هدى الله به البر والفاجر، وهو العقل والرسول والكتاب. فمن أنصف عقله وصدق رسوله وآمن بكتابه وحلل حلاله وحرم حرامه؛ استوجب من الله الزيادة بالهدى الثاني؛ جزاء على عمله، ومكافأة على فعله، كما قال عز وجل: { والذين اهتدوا زادهم هدى وءاتاهم تقواهم } [محمد:17]، وقال: { ويزيد الله الذين اهتدوا هدى } [مريم: 67].
ومن كابر عقله وكذب رسوله ورد كتابه؛ استوجب من الله الخذلان، وتركه من التوفيق والتسديد، وأضله وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، وذلك قوله تبارك وتعالى: { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام{ عني الهدى الثاني، { ومن يرد أن يضله{ ، يقول: ومن يرد أن يوقع اسم الضلال عليه، بعد أن استوجب بفعله القبيح: { يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون } [الأنعام:125]، فقد بين عز وجل في آخر الآية أنه لم يضله، ولم يضيق صدره إلا بعد عصيانه وكفره وضلاله؛ لأنه يقول: { كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون{ ، ولم يقل إنه يجعل الرجس على الذين آمنوا.
ثم قال: { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة } [الجاثية:23]، (كما اتخذ إلهه هواه أوقع عليه اسم الضلال، وسماه ودعاه بعد أن اتخذ إلهه هواه وختم على سمعه)، وتركه من التوفيق والتسديد وخذله، ولم يؤيده ولم يسدده كما أيد وسدد الذي عبده، عز وجل.
ثم قال: { يضل من يشاء ويهدي من يشاء } [النحل:93، فاطر:8].
صفحة ٨٠