التوحيد ونفي التشبيه
أول ما يجب على العبد أن يعلم أن الله واحد أحد، صمد فرد، ليس له شبيه ولا نظير، ولا عديل، ولا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة، وذلك أن ما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف، محوي محاط به، له كل وبعض، وفوق وتحت، ويمين وشمال، وأمام وخلف، وأن الله لا يوصف بشيء من ذلك، وهكذا قال لا شريك له: { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } [الأنعام:103]، وقال: { قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد } [الإخلاص:14]، والكفو فهو المثل والنظير والشبيه، والله سبحانه ليس كمثله شيء، وقال: { وهو معكم أين ما كنتم } [الحديد:4]، وقال: { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } [ق:16]، وقال: { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا } [المجادلة:7]، وقال: { وما كنا غائبين } [الأعراف:7]، يعني في جميع ذلك أن علمه محيط بهم، لا أنه داخل في شيء من الأشياء كدخول الشيء في الشيء، ولا خارج من الأشياء بائن عنها فيغبى عليه شيء من أمورهم، بل هو العالم بنفسه، وأنه عز وجل شيء لا كالأشياء؛ إذ الأشياء من خلقه وصنعه، وقال عز وجل: { قل أي شيء أكبر شهادة قل الله } [الأنعام:19]، فذكر سبحانه أنه شيء؛ لإثبات الوجود ونفي العدم، والعدم لا شيء.
صفحة ٦٠