37

عذراء قريش

تصانيف

قالت: «بورك فيه وفيك! وأشكر لكما عنايتكما بي فإني بحمد الله في خير وعافية أدعو لسيدي أبي الحسن بطول البقاء.» قالت ذلك وجلست على السرير.

أما هو فود لو يمكث عندها، ولكنه خاف أن تستهجن ذلك منه لخلو المكان من الناس، فقال: «وأين أبوك؟»

فتنهدت وقالت: «لا أدري أين هو الآن.»

فقال: «ما بالك تتنهدين يا أسماء؟! إني أراك تكتمين أمرا.»

قالت: «لا أكتم شيئا، ولكنني ...» وسكتت.

قال: «ولكنك ماذا؟ قولي.»

قالت: «لا أدري ماذا أقول وأنا كلما نظرت إليك ذكرت أمي التي ذكرت اسمك وهي على فراش الموت!» وترقرقت الدموع في عينيها.

فلما رأى محمد دموعها انفطر قلبه شفقة وأمسك بيدها وجوارحه تختلج وقال: «رحم الله تلك الأم! فإني ما برحت منذ رأيتها وأنا في شغل شاغل لا يهدأ لي بال قلقا عليك، وقد كان علي أن أفتقدك قبل الآن ولكن الأحداث التي نحن فيها حالت بيني وبين ما أريد، فأمر هذا الخليفة قد أقض مضاجعنا فلا نكاد نرتق فتقا حتى يتفتق غيره.»

وكانا يتكلمان ومحمد واقف والباب مغلق إلى نصفه، فلم يتم محمد كلامه حتى رأى مروان داخلا وملامح الغضب تلوح على وجهه وقد حمل سيفه، فلما رآه محمد لمح الغدر في عينيه فنظر إليه شزرا ولم يعبأ به.

أما مروان فقال وقد علاه الاصفرار والبغتة: «ما الذي جاء بك إلى هذا المكان يا ابن أبي بكر؟!»

صفحة غير معروفة