مع نهاية الأيام العشرة، بدأ في إزالة المجسات، منظفا مواضعها على جلده عن طريق مسحها بقطعة قطن مغموسة في الكحول. ألقى قطعة القطن بعيدا دون أن ينظر، فسقطت على لوح التسخين؛ مما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب. انتشرت النيران بسرعة في هواء غرفته الصغيرة الغني بالأكسجين؛ مما أدى إلى اشتعال سترته؛ حاول بوندارينكو إطفاء النيران لكنه لم يفلح، وخرج الحريق عن السيطرة، كما أنه لم يستطع الهرب؛ لأن فرق الضغط جعل الباب محكم الغلق يأبى على الفتح.
رأى أحد الأطباء ألسنة اللهب عبر زجاج إحدى النوافذ، لكنه لم يستطع أيضا فتح الباب؛ فأدار صماما لمعادلة الضغط، لكن الأمر استغرق بعض الوقت قبل أن يتمكن من الوصول إلى بوندارينكو، وفي تلك الأثناء كانت النيران قد أحاطت برائد الفضاء الروسي تماما ونالت منه. مع ذلك، كان لا يزال واعيا وقال: «إنه خطئي، لا تلوموا أي شخص آخر.»
هرع الأطباء به إلى أحد المستشفيات، استحضر الطبيب المعالج لاحقا ما حدث قائلا: «لم أتمالك نفسي من الارتجاف، كان الجسد بأكمله عاريا من الجلد، وكانت الرأس عارية من الشعر، ولم يكن ثمة عينان في الوجه. كان احتراقا كاملا من الدرجة القصوى.» مع ذلك، ظل بوندارينكو يتحدث: «ألم هائل، افعلوا شيئا رجاء لتسكين هذا الألم.» ظلت قوى بوندارينكو تخور لمدة ثماني ساعات، ثم أسلم الروح في النهاية. ترك أرملة شابة وطفلا عمره خمس سنوات، فأمر وزير الدفاع ب «توفير كل مستلزماتهما، كما يليق بعائلة رائد فضاء روسي»، وهذا ما كان.
ثم في 12 أبريل، في صباح ربيعي جميل في تيوراتام، توقفت حافلة فجأة إلى جانب منصة إطلاق؛ كان على متنها رائدا فضاء روسيان آخران، هما يوري جاجارين ومساعده جيرمان تيتوف، وفي صحبتهما مجددا عدد من الأطباء. ترجل جاجارين عن الحافلة والتقى كوروليف، الذي حياه بالأحضان والقبلات، ثم استقل الرجلان مصعدا للصعود إلى متن الصاروخ. لوح جاجارين مودعا، ثم اختفى خلف باب مركبته الفضائية. سأل أحد أفراد برج المراقبة قائلا: «يوري، لن تشعر بالملل في الداخل، أليس كذلك؟» أجاب جاجارين: «إذا كان ثمة بعض الموسيقى، سأحتمل الأمر على نحو أفضل.» أمر كوريليف بتشغيل بعض أغاني الحب، لكن مر بضع دقائق قبل توفير تلك الأغاني. أخبر كوروليف جاجارين قائلا: «هذا هو حال الموسيقيين، يتنقلون هنا وهناك، لكن ما من شيء يفعلونه بسرعة كبيرة.»
جرت عملية الإطلاق بعد خمسين دقيقة تقريبا. قال جاجارين عقب رحلته: «كنت أسمع صوت الصمامات وهي تعمل، ثم بدأت المحركات تعمل مصدرة صوت هدير. كان الصوت الصادر يشبه تقريبا الصوت الصادر عن طائرة. كنت مستعدا لما هو أكثر من ذلك، ثم ارتفع الصاروخ بانسيابية وخفة عن موضعه.»
قال كوروليف: «سبعون ثانية بعد الإطلاق.» سبعون ثانية من وقت الإطلاق.
جاجارين :
أسمعك: 70. أنا في أفضل حال، أواصل الرحلة، يزداد معدل التسارع، كل شيء على ما يرام.
كوروليف :
100 ثانية بعد الإطلاق، كيف حالك؟
صفحة غير معروفة