ولو كانت لذات الحس هي التي سيطرت على زواج النبي بعد وفاة خديجة لكان الأحجى بإرضاء هذه الملذات أن يجمع النبي إليه تسعا من الفتيات الأبكار اللائي اشتهرن بفتنة الجمال في مكة والمدينة والجزيرة العربية، فيسرعن إليه راضيات فخورات، وأولياء أمورهن أرضى منهن وأفخر بهذه المصاهرة التي لا تعلوها مصاهرة.
لكنه لم يتزوج بكرا قط غير عائشة - رضي الله عنها - ولم يكن زواجه بها مقصودا في بداية الأمر حتى رغبته فيه خولة بنت حكيم التي عرضت عليه الزواج بعد وفاة خديجة.
قالت عائشة - رضي الله عنها: «لما توفيت خديجة قالت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون للنبي: «أي رسول الله! ألا تتزوج؟»
قال: «من؟»
قالت: «إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا؟» ...
قال: «فمن البكر؟» ...
قالت: «بنت أحب الناس إليك عائشة بنت أبي بكر» ...
قال: «فمن الثيب؟» ...
قالت: «سودة بنت زمعة؛ آمنت بك واتبعتك».»
ثم كانت سودة هي أولى النساء التي بنى بهن بعد وفاة خديجة، وكان زوجها الأول - ابن عمها - قد توفي بعد رجوعه من الهجرة إلى الحبشة، وكانت هي من أسبق النساء إلى الإسلام، فآمنت وهجرت أهلها ونجا بها زوجها إلى الحبشة فرارا من إعنات المشركين له ولها، فلما مات لم يبق لها إلا أن تعود إلى أهلها فتصبأ وتؤذى، أو تتزوج بغير كفؤ أو بكفؤ لا يريدها. فضمها النبي إليه حماية لها وتأليفا لأعدائه من آلها وكان غير هذا الزواج أولى به لو نظر إلى لذات حس ومال إلى متاع.
صفحة غير معروفة