فقال
صلى الله عليه وسلم : أبا عمير! ما فعل النغير؟ ... وكان كلما رآه قال له ذلك.»
وهذه قصة صغيرة تفيض بالعطف والمروءة من حيثما نظرت إليها، فالسيد يزور خادمه في بيته، ويسأل أمه عن حزن أخيه، ويواسيه في موت طائر، ولا يزال يرحم ذكراه كلما رآه.
ومثل هذا عطفه على الضعف البشري في رجل مثل عبد الله الخمار الذي لقب بهذا اللقب لما اشتهر به من السكر والدعابة، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يحده من الخمر، ولا يتمالك أن يضحك منه.
قبوله للدعابة
وكان نعيمان بن عمرو أشهر الأنصار بالدعابة، لا يقيل منها أحدا، ولا يراه النبي فيتمالك أن يبتسم ... وربما قصد النبي ببعض هذه الدعابات لطمعه في حلمه وعلمه بموقع الفكاهة من نفسه: جاء أعرابي إلى الرسول فدخل المسجد وأناخ راحلته بفنائه، فقال بعض الصحابة لنعيمان: «لو نحرتها فأكلناها؟ ... فإنا قد قرمنا إلى اللحم، ويغرم النبي
صلى الله عليه وسلم
حقها.» فنحرها نعيمان. وخرج الأعرابي فرأى راحلته فصاح: «واعقراه يا محمد!» فخرج النبي يسأل: «من فعل هذا؟»
قالوا: «نعيمان» ... فاتبعه النبي حتى وجده بدار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب قد اختفى في خندق وجعل عليه الجريد فأشار إليه رجل ورفع صوته: «ما رأيته يا رسول الله.» وهو يشير بأصبعه إلى حيث هو، فأخرجه رسول الله وقد تعفر وجهه بالتراب فقال: «ما حملك على ما صنعت؟» قال: «الذين دلوك علي يا رسول الله هم الذين أمروني!» فجعل رسول الله يمسح عن وجهه التراب ويضحك ... ثم غرم ثمن الراحلة.
ونعيمان هذا هو الذي باع عاملا لأبي بكر الصديق، وهو يعلم أن النبأ واصل إلى النبي لا محالة.
صفحة غير معروفة