طال اشتياق النبي إلى الوليد المأمول، وتجدد اشتياقه في أثر كل زواج حتى جاءته مارية القبطية من قطر بعيد، ومن معدن غير المعدن الذي يختار لإيواء المحزونات وتقريب الأسر والعصبيات، فبشرت النبي بعقب لعله غلام، واجتمع في هذا البشارة اشتياق نيف وعشرين سنة، ورجاء لا ينتهي بانتهاء الزمان.
وولد إبراهيم!
ولد الطفل الذي نظر أبوه إليه يوم مولده فامتد به الأمل مئات السنين، بل ألوف السنين، وتخير له الاسم الذي وراءه أعقاب كأعقاب جده الأعلى، ليكون أبا ويكون له أحفاد، ويكون لأحفاده من بعدهم أحفاد ...
ثم مات ذلك الطفل الصغير ...
ومات ذلك الأمل الكبير ...
مات كلاهما والأب في الستين ... أي صدمة في ختام العمر؟ أي أمل في الحياة؟ الدين قد تم، وهذه الآصرة قد انقطعت، فليس في الحياة ما يستقبل وينتظر؛ كل ما فيها للإشاحة والإدبار.
مات الطفل ولما يدرك السنتين.
مصاب صغير إن كانت المصائب تقاس بسنوات المفقودين.
ولكن المصائب في الأعزاء إنما تقاس بمبلغ عطفنا عليهم، والصغير أحوج إلى العطف من الكبير المستقل بشأنه.
وإنما تقاس بمبلغ تعويلهم علينا، وتعويل الصغير على وليه أكبر من تعويل الكبير ...
صفحة غير معروفة