108

30

جرأة الرعية، وأنا بعد عاملك، فإن استنقصتني نقصت، وإن استزدتني زدت، وإن استوقفتني وقفت!

فقال عمر: ما سألتك عن شيء إلا خرجت منه. إن كنت صادقا فإنه رأي لبيب، وإن كنت كاذبا فإنها خدعة أريب،

31

لا آمرك ولا أنهاك.

أما دستور الولاة عنده فأساسه أن الولاية تمييز بالواجب والكفاءة، وليست تمييزا بالوجاهة والاستعلاء، فكان يقول للوالي: «افتح لهم بابك وباشر أمورهم بنفسك، فإنما أنت رجل منهم، غير أن الله جعلك أثقلهم حملا.»

وشغله كل الشغل أن تخضع الرعية لواليها، رغبة في حكمه، واطمئنانا إلى عدله، فكان يقول للوالي: «اعتبر منزلتك عند الله بمنزلتك من الناس.» ويقول للرعية: «إني لم أبعث إليكم الولاة ليضربوا أبشاركم،

32

ويأخذوا أموالكم، ولكن ليعلموكم ويخدموكم.»

وتستوي عنده رغبة الرعية من المسلمين، ورغبة الرعية من غيرهم. فلما رأى أقواما ذميين ينقضون العهد، ويثورون على الدولة، طلب من صلحاء البصرة وفدا فيهم الأحنف بن قيس، وهو مصدق عنده، فسأله: «إنك عندي مصدق، وقد رأيتك رجلا، فأخبرني: ألمظلمة

صفحة غير معروفة