الرجوع إلى الصواب
فوقعت في حيرة ولم تعد تعلم بماذا تجيب، وترجح لديها أن أخاها في قبضة سعيد، ولا نجاة إلا بمسايرته، ولكنها ظلت تكرهه وتود قتله، ولا سبيل لها إلى ذلك، فعمدت إلى الملاطفة، فقالت: «والآن ما العمل؟ هل أخي قريب من هذه الديار؟»
قال سعيد: «بل هو في هذه الديار في مخبأ لا يعرفه أحد سواي.»
قالت الزهراء: «وما السبيل إليه؟ وكيف العمل؟»
قال سعيد: «سأخبرك عن السبيل في فرصة أخرى، إنما أرجو منك الآن أن تثقي بي، ولا أظنك تفعلين، فإن لم تفعلي فدمك ودم أخيك على رأسك. إني نصحتك وحققت كل ما طلبت مني، فما رأيك؟»
فأطرقت وأعملت فكرها فيما وقعت فيه، فلم تجد لها سبيلا غير الملاطفة ريثما تحتال في النجاة، فعادت إلى رشدها وتعقلها ورباطة جأشها، لكنها أحست بتغيير طرأ على إحساسها بعد تلك النظرة التي اخترقت أحشاءها وهزت أعصابها وقضت على إرادتها، وخيل لها من تلك اللحظة أنها طوع إرادته ولم تعد تملك رأيها فقالت: «نصبر كما قلت، وأخشى أن تكون خدعتني!»
قال سعيد: «دعي عنك الشكوك.»
فسكتت وهي تفكر، ثم قالت: «وكيف ألتقي بأخي؟ هل تستدعيه إلى هنا؟»
قال سعيد: «كيف يستطيع دخول هذا القصر؟ الأفضل أن تذهبي أنت إليه، ومتى اجتمعت به تقنعيه بالرجوع عن الثورة، ونحتال في استرضاء الخليفة عليه، وأظننا ننجح في ذلك، ثم نقيم هنا معا، وأنت في منزلتك ولا يعلم أحد بما جرى، والآن لا ينبغي لنا أن نفترق قبل أن نحسن التفاهم، فهل أنت واثقة بما أقول؟»
فقالت: «نعم.»
صفحة غير معروفة