فلما خلت به تغير وجهها من الابتسام والأنس إلى الهيبة والجلال، وبدت في عينيها السوداوين اللامعتين ملامح الذكاء وحدة الذهن والجد فقالت: «كيف قضيت نهارك أمس يا محمد؟»
قال: «قضيته كما تحبين يا سيدتي من الأنس والطرب.»
قالت: «وفي الليل؛ لماذا كنت مستترا في خلوة؟»
قال: «ومن قال لك ذلك؟»
قالت: «أخبرني به الشاكري الذي بعثته إليك. فما هي هذه الخلوة؟»
قال: «هي خلوة يحلو لك سماع خبرها، وقد كنت عازما على المجيء إليك لأطلعك على سر
وكانت متكئة على كتفه ويدها على خده تلاعب بأناملها شعرات في عذاره، وتنظر إليه نظر الحنان والعطف، فلما قال لها ذلك ابتسمت وقالت: «وعندي أيضا ما يهمك الاطلاع عليه، وأرجو أن تتخلص به من ذلك الفارسي.»
فعلم أنها تشير إلى جعفر البرمكي فبغت وقال: «وخبري أيضا يتعلق به - قبحه الله -
فأجفلت زبيدة، وتصاعد الدم إلى وجنتيها، وظهرت الدهشة في عينيها وقالت: «هل علمت بخبر العباسة أيضا؟»
قال: «نعم، علمت به، وكدت أتميز من الغيظ، ولكن لا أظننا ننتفع بذلك عاجلا. أما خبر العلوي فهو أقرب للإفادة منه.»
صفحة غير معروفة