وظل ملازما لموقفه يعلل النفس برؤيتها مرة أخرى، ولم يكن يشك في أن الزيارة غير رسمية وإلا لعلم بها كل من في القصر، ولاستقبلت الأميرة استقبالا يليق بمكانها في الأسرة الملكية، وعلى هذا لا يبعد مطلقا أن تعود إلى السفينة بمفردها. وصدق بعض ظنه، فعادت الأميرة بعد أن ودعها صاحب السمو الملكي عند مدخل القصر.
وكان ددف بمكانه عند سلم الحديقة فوقف مستعدا، حتى إذا صارت بإزائه سل سيفه وأدى التحية، وعلى حين فجأة توقفت الأميرة، والتفتت إليه في نبل وكبرياء، وقالت بلهجة ساخرة: هل تعرف واجباتك أيها الضابط؟
فقال ددف وقد زلزلت نفسه: نعم يا صاحبة السمو.
فسألته بلهجة مرة: هل من الواجب أن تخطف الفتيات في غير زمن الحرب؟
فاستولى الارتباك عليه، وتلبثت لحظة تحدجه بنظرة قاسية ثم قالت: وهل من واجب الجندي أن يغدر؟
فلم تحتمل نفسه الألم وقال: يا مولاتي ... إن الجندي الشجاع لا يغدر!
فسألته بسخرية: فما قولك فيمن يتربص بالآمنات خلف الشجر، ويصورهن خلسة؟
وغيرت لهجتها فقالت بصلف: يجدر بك أن تعلم أني أريد تلك الصورة.
وأطاع ددف كما تعود أن يطيع، فدس يده في صدره، وأخرج الصورة من مخبئها الدفين وقدمها إلى الأميرة.
ولم تكن تتوقع هذا؛ فبدت على وجهها - بالرغم من كبريائها - الدهشة، ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها، ومدت يدها البضة وأخذت الصورة.
صفحة غير معروفة