فقال القائد أربو بحماس: لقد قسا جلالة الملك على نفسه في الحساب.
فقال خوفو دون أن يعير حديث قائده اهتماما: إن الملوك ليظلمون كثيرين وإن توخوا العدل والإنصاف، وإنهم ليؤذون كثيرين وإن حرصوا على النفع والخير، وما من عمل سوى عمل الخير الخالد يكفر عن السيئات، ويمحو الهفوات، وقد هداني الألم إلى عمل نافع عظيم.
ونظر إليه الملأ متسائلين، فقال: إني أفكر أيها السادة في تأليف كتاب عظيم أضمنه تجارب الحكمة وأسرار الطب الذي ولعت به منذ صباي، فأترك من بعدي إرثا عظيما لشعب مصر يهدي أرواحهم ويصون أجسامهم.
فصاح ميرابو بفرح عظيم: يا له من عمل مجيد يا مولاي، ستحكم به شعب مصر إلى الأبد!
فابتسم فرعون إلى المعمار، وقال هذا مرة أخرى: ستزيد كتبنا المقدسة كتابا جديدا.
وكان الأمير رعخعوف يزن ما ينوي الملك صنعه في عقله فقال: ولكنه يا مولاي عمل يقتضي أعواما طويلة.
وقال القائد أربو: لقد كتب قاقمنا كتابه في عشرين عاما!
ولكن الملك هز منكبيه العريضين وقال: سأهبه ما تبقى من حياتي.
صمت الملك لحظة ثم قال: أتعلمون أيها السادة أين هو المكان الذي اخترته لأنشئ فيه كتابي ليلة بعد ليلة؟
ونظر فرعون إلى الوجوه المتسائلة وقال: حجرة التابوت بالهرم الذي احتفلنا به اليوم.
صفحة غير معروفة