فصاح الفتى: «أتنازل لها هي؟ هذا شيء لا يكون.»
قال: «صبرا إذن يا بني.»
ومضت الأيام وكرت الأعوام والفتى في بلدته، والفتاة في البيت الكبير بمصر ومعها حليمة والخادم الكهل، والوصي الأمين يرعاها ويحدب عليها ولا يغفل أمر محمود، وكان ذكر محمود لا يرد على لسان الشيخ سعيد إلا في الندرة القليلة، فسألته يوما: «ما أخبار البلد؟»
فقال: «أنا خائف على محمود.»
فقطبت وقالت: «ما له؟»
قال: «شديد على الناس ... أصبح أعداؤه كثيرين.»
فاستزادته مستفسرة، فقال لها: «إن الفلاحين يهملون أحيانا فيشتد عليهم ويقسو بهم ويعاملهم بالعنف، وقد سرق أحدهم أخيرا كيسين من القطن فضبطه وضربه حتى كاد يميته ... وأمثال هذا يحدث كثيرا ... وهم يخافونه ولكنهم يكرهونه وأخشى أن يتربصوا به.»
فلم تقل شيئا، ولكنها بعد أسبوع سألت الشيخ سعيدا: «هل أستطيع أن أزور البلدة؟»
قال: «طبعا ... ما المانع؟»
قالت: «ربما استاء محمود ... هو مرتاح من وجودي كل هذا الزمن.»
صفحة غير معروفة