وقولنا: (لا خلاف أن لا رابع)، لا يعترض بأن الزمخشرى (¬2) قسم إلى أربعة، الرابع المشترك، وطاهر (¬3) إلى عشرة (¬4)؛ لأن ذلك الرابع ليس زائدا على الاسم والفعل والحرف بل هو منها، ولكن اختص بأمر مشترك بينها، أو بين اثنين منها، وكذلك الرفع والنصب والجر وسائر ما زاده طاهر، بعضه ليس من الكلمة، ولا من أقسامها، وهى لأنها إما أن تدل على معنى في نفسها أو لا، الثانى الحرف، والأول إما أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أو لا ...
الحركات، والجزم، والعامل والتابع هما أحدا أقسام الكلمة الثلاثة لكنه ذكره باعتبار أمر، وهو كونه عاملا وتابعا.
وأما (الخط) فهو علم آخر.
وعلى الجملة فلم يذكر هؤلاء أن هذه الأقسام متفرعة عن الكلمة، وإنما ذكروها تقسيما للنحو جملة .
واعلم أنه يرد على النحاة قسمة الكلمة إلى ثلاثة سؤالان:
الأول: من حق الأقسام أن تكون منتسبة إلى جنس واحد، لا يتميز بعضها على بعض بجنس أقرب.
وهذا غير حاصل هنا، لأن الاسم والفعل يشتركان في ماهية يختصان بها على الحروف.
وهى: أنهما يدلان على معنى في أنفسهما، فقسيم الحرف هى هذه الماهية، وكل منهما قسيم للآخر.
فالأولى أن يقال: الكلمة تنقسم إلى قسمين ما يدل على معنى في نفسه، وما يدل على معنى في غيره، والدال على معنى في نفسه ينقسم إلى قسمين اسم وفعل (¬1).
والدليل على أن هذا الأولى أمران:
أحدهما: أن الغرض بتقسيم الشئ إبانة الأحكام الجارية عليه، ولا يتوفر ذلك إلا بمراعاة الأقرب من الأجناس فالأقرب، ألا ترى أنا إذا قسمنا الكلمة إلى ما يدل على معنى في نفسه، وإلى ما لا يدل، ثم قسمنا الدال على معنى نفسه إلى اسم وفعل علم أن كلا منهما يدل على معنى في نفسه، بخلاف ما لو ابتدأنا القسمة إلى ثلاثة.
وثانيهما (¬2): أنه لو جاز أن يجعل أقسام أحد القسمين قسيمة لقسيمه، لجاز أن يقسم الكلمة إلى أقسام عدة: اسم، وماض، وحال، ومستقبل، وحرف، وأن يفرع - أيضا - الحرف وتعد فروعه مقابلة للاسم، أو يفرع الاسم، وتجعل فروعه مقابلة للحرف.
صفحة ٢٠