النص المحقق
صفحة ٧
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، وصلى الله على محمد و[على آله وصحبه] (¬1) وسلم. ... 1/أالحمد لله الذى فضل لغة العرب؛ بما أودعها من ملح (¬2) الأدب. بأن اختارها لأوليائه فى الجنة التى لا لغو فيها ولا صخب (¬3) وبأن نزل بها أفضل الكتب، وجعله فى بلاغتها بالغا أعلى الرتب، حتى أعجز المصاقع (¬4) أهل القريض (¬5) والخطب بعد أن تحداهم وبكتهم (¬6) بما تثيره الحمية والغضب، فما تعرض أحد لمعارضته ولا انتدب، بل عدلوا إلى الحرب التى هى مشتقة من الحرب (¬7)، وذلك دليل عجزهم عن المعارضة التى كانت تبطل أمره - صلى الله عليه وسلم- بلا تعب وجعل العربية لسان رسوله المنتخب، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب النبى الأمى الذى ما قرأ مكتوبا ولا كتب، مع أنه جاء بالعلوم وأخبر من الغيوب بما عزب صلى الله عليه وعلى آله ما طلع نجم أو غرب (¬8)، وعلى ابن عمه وشريكه فى النسب، والذى أسس قواعد النحو ورتب. وبين لأبى الأسود (¬9) ما يرفع من الكلام وينصب، عليه سلام الله ورضوانه ما لحن لاحن أو أعرب.
صفحة ٨
وبعد، فبالعربية تبرز معانى القرآن من الحجب، وبها يظهر إعجاز القرآن ونبوة محمد وتنجلى الريب، وبها يعرف من الأحكام ما حرم (¬1) وما وجب، وكل علم من العلوم الدينية، فهو على العربية مرتب، ولما كان النحو بابها الذى منه تؤتى وتطلب، وذمامها الذى به تجذب، كانت العناية به أوجب والبداية به أوصل إلى الأرب (¬2)، وكان من أحسن ما صنف فيه وهذب، ورتب وقرب، وانتفع به فى المشرق والمغرب، كافية الشيخ العلامة أبى عمرو عثمان بن الحاجب المدقق المنقب، وقد كنت فيما غبر من الحقب، ألقيت عليها مذاكرة على جماعة من الطلب (¬3)، تشتمل على فوائد حسان ونخب (¬4)، وتزيد على شروحها فى بيان ما خفى منها وإبراز ما احتجب وسميتها ب (البرود الضافية والعقود الصافية الكافلة للكافية بالمعانى الثمانية وافية) التى اعتبرها كل عالم مهذب.
وهى مبهم يعين. وخطأ يبين، ومعدوم يخترع ، ومفترق يجمع، وناقص يكمل، ومجمل يفصل، ومسهب يشذب (¬5) ومختلط يرتب ، فرأيت رقمها (¬6) فى كتاب، وإظهارها للطلاب، رجاء المشاركة فى الثواب، والظفر (¬7) بدعاء مستجاب يلحقنى بعد أن أوارى فى التراب، وينفعنى يوم الحساب، وهذا حين أبتدئ، والله أسأل أن يوفق للصواب.
صفحة ٩
[الكلمة وأقسامها]
الكلمة ......................................
قال مولانا جمال الدين: اعلم أنه لابد لمن أراد الخوض فى علم أى علم كان أن يعرفه أولا جملة؛ لأن جملة الخوض فيه تفضيل له، ولابد أن يعرفه جملة، والحاجة إلى تعريفه كالحاجة إلى تعريف الكلمة والكلام، ومع ذلك قلما تعرض له المصنفون (¬1).
وأقرب ما يقال فيه: (علم يعرف به التغييرات العربية اللفظية أو المقدرة بها اللاحقة للكلم).
واحترزنا بالعربية من التغيير الذى ليس بعربى كنصب الفاعل ورفع المفعول أو تسكينهما، ومن الإعلال والتصحيح فى غير موضعهما.
واحترزنا باللفظية من علمى المعانى والبيان.
وموضوع النحو (¬2): الكلام، والكلام مركب من الكلمة، فوجب التعرض لذلك أيضا؛ فلهذا بدأ به المصنف،
قوله: الكلمة.
صفحة ١٠
يقال: (كلمة) بوزن (نبقة)، وهى الحجازية (¬3)، و(كلمة) بوزن (بدرة)، و(كلمة) بوزن ........................................
(سدرة)، وهى التميمية (¬1).
والكلمة تطلق فى اللغة على الكلام، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (الكلمة الطيبة صدقة) (¬2)
وإن احتمل غيره، [وقال صلى الله عليه وآله وسلم] (¬3): (أصدق كلمة/ قالها لبيد (¬4) ... 1/ب
ألا كل شئ ما خلا الله باطل (¬5)
لفظ وضع لمعنى مفرد ........................
صفحة ١١
وفى اصطلاح النحاة ما ذكره.
قوله: لفظ وضع لمعنى مفرد.
قيل (¬1): واللفظ لما يخرج من الفم، لذلك لا يقال: لفظ الله كما يقال: كلام الله. ولا يصلح [التحديد به لعدم عمومه] (¬2).
فالأولى أنه أراد باللفظ الصوت المتقطع أحرفا، فخرج نحو: (طنين الذباب)، (وصرير الباب).
والوضع (¬3): إيقاع لفظ على أمر يفهم عند سماعه ذلك الأمر، فيدخل المجاز.
وفى اصطلاح المعنويين (¬4) لا يدخل، وهو عندهم: تعيين الكلمة أو الكلام للدلالة على معنى بنفسها.
وقوله: (بنفسها) خرج المجاز؛ لأنه يدل بالقرينة (¬5).
وقيل: هم متفقون على خروج المجاز؛ لأنه لا يفهم من (أسد) الشجاع، والمعنى هو المسمى.
............................................
صفحة ١٢
والمفرد، قيل: ما لا يدل جزء لفظه على جزء معناه (¬1).
وربما زيد [فيه] (¬2): (حين صار جزءا له) يحترزون عن (غلام زيد) مسمى به و(تأبط شرا) ونحوه، وفيه نظر؛ لصحة إطلاق الجزء على الزاى من (زيد قائم)، وهى لا تدل على جزء المعنى.
ويجاب: بأن المراد أن لا يوجد شئ من أجزاء لفظه دالا على جزء معناه، وقد وجد (زيد) بكماله دالا على جزء المعنى.
واعترض الحد - أيضا - بالفعل (¬3)؛ لأنه يدل بذاته على الحدث، وبصيغته على الزمان، فقد دل جزء لقطه على جزء معناه.
وأجيب: بأن الحركات لا يلفظ بها وحدها، وإنما يلفظ بالحروف عليها، فليست جزءا محققا.
إذا عرفت هذا ف (قوله) (¬4): (لفظ)
جنس يدخل فيه المهمل والمستعمل (¬5)
قيل: (¬6) والأولى أن يؤتى ب (قول) مكان (لفظ)؛ لأنه أقرب من حيث لا يطلق إلا على
................................................
صفحة ١٣
المستعمل (¬1).
وقيل: القول يطلق على المهمل والمستعمل بخلاف الكلام، قالوا: وحروف القول تدل على الضعف (¬2)، وحروف الكلام تفيد القوة، كالكلم، واللكم، والملك (¬3).
وقوله: وضع لمعنى
احترز به عن أمور ثلاثة:
أحدها: ما لا يفيد معنى أصلا، إما بالنظر إلى كل لغة، ك (رفعج) مقلوب (جعفر)، وإما بالنظر إلى لغة العرب مثل (شاطر) للص فى عرف المولدة (¬4)،ومثل (ميشوم) (¬5) فى (مشؤوم)، وليس ذلك بعربى.
وثانيها: ما لا يفيد لا بالوضع بل بالعقل (¬6) أو الطبع (¬7)، فالأول كدلالة لفظ (زيد) على أن ثم
............................................
صفحة ١٤
متكلما به، والثانى كدلالة قول النائم (إخ)، والساعل (أح)، على استغراق فى النوم، وتأذ فى الصدر (¬1).
وثالثها: ما يفيد بالوضع لكن قد نقل عنه تصحيفا (¬2) مثل (أحمق) (¬3) للمتبختر، وهو فى اللغة للجاهل.
والتصحيف ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون اللفظ موجودا فى اللغة لمعنى، فينقله غير أهل اللغة إلى معنى آخر من غير زيادة فى لفظه ولا نقصان مثل: أحمق.
وثانيها: أن لا ينقل عن معناه العربى، لكن يغير اللفظ نحو: (ميشوم) فى (مشؤوم) (¬4).
وثالثها: أن يخترعوا لفظا غير موجود فى العربية.
فالأخيران محترز عنهما باتقاف؛ لأنهما ليسا بكلمة عربية (¬5)، والأول كذلك بالنظر إلى هذا المعنى المولدى، وخالف فيه القاسم بن الحسين صاحب التخميز (¬6)، وزعم أنه كلمة (¬7).
وأما (المفرد) فاحترز به عن أمور ثلاثة :
............................................
صفحة ١٥
أولها: الكلام نحو: (قام زيد) (¬1)، فإنه مركب لإفادته [معينين] (¬2) قيام عن زيد.
الثانى: الكلمتان، والكلم، والكلمات، وهو ما تعدد بلا إسناد نحو: (واحد)، (اثنان)، (ثلاثة)، أو بإسناد غير مفيد نحو: (غلام زيد) (¬3)، وقولك: (إن قام زيد) بلا جواب.
الثالث: من نحو: (الرجل)، و(قائمة)، و(استخرج)، ونحو ذلك مما اتصل به حرف، فإنه فى كونه كلمة مع ما اتصل به أو كلمتين خلاف (¬4):
وحا صل ما ذكره شيخنا السيد شرف الدين أبو القاسم بن محمد (¬5) - رحمه الله - أن هذا الحرف إن منع من دخول خواص ما اتصل به عليه فهو كلمتان ك (لام) الجر، وبائه، وإن لم يمنع فهما كلمة واحدة، إما اسم ك (زيدى)، و(قائمة) و(الرجل)، وإما فعل ك (يستخرج)، و(يضرب).
صفحة ١٦
....................................................
وقيل: ما لم يمنع ضربان:
أحدهما: مثل المعرف باللام فهو كلمتان، والآخر كيستخرج فهو كلمة، وقد روى عن الزمخشرى (¬1)، وكأنه يريد ب (الرجل) ما كان لا يتغير بنزعه مدلول الباقى ولا لفظه، فإن اللام من (الرجل) إذا نزعت بقى مدلوله بخلاف (زيدى )، فإنه يتغير مدلوله، ونحو: (يستخرج)، و(يضرب)، فإنه قد يتغير لفظ (خرج)، و(ضرب)، فكان كلمة مع ما دخل عليه، والله أعلم.
وهذا على المفهوم من الأكثرين أن (مفردا) صفة لمعنى (¬2).
وقد قيل (¬3): إنه صفة ل (لفظ)، فيلزم منه أن يكون (بعلبك) ونحوه غير كلمة، بل كلمتان، وكذلك ما اتصل به حرف على نحو ما ذكرناه من الخلاف آنفا.
وليس الخلاف فى هذا انتقل عن أحد من النحاة، وإنما هو للمنطقيين (¬4)، أعنى أن (مفردا) صفة ل (لفظ).
2/أوقد أورد على هذا الحد / اعتراضان:
الأول: على الطرد (¬5) بالضمير المستتر فى نحو (قم) (¬6) هو كلمة، وليس بلفظ.
صفحة ١٧
........................... ......................
وأجيب: بأنه كالملفوظ به (¬1) [بدليل أنه لا] (¬2) يستقل الكلام دونه، مع أنه يبرز فى بعض المواقع نحو: (قوما)، بخلاف ضمير اسم الفاعل، فلهذا لم يكن كلمة.
ورد: بأنا نجد ضميرا لا يبرز نحو: (أفعل)، و(نفعل) (¬3)، وبأنه لو صح ما ذكرتم، فلا يخلو من الإضمار فى الحد.
الثانى : على [العكس] (¬4) بالحركات، فإنها ملفوظ بها دالة على معنى مفرد، وهو الفاعلية أو المفعولية أو الإضافة.
ويمكن الجواب: بأن الفاعلية معنى غير مفرد، إذ لابد من انضمام (¬5). وإلا لم يكن فاعلية، ولا مفعولية، ولا إضافة، وفيه نظر.
وأجاب شيخنا السيد أبو القاسم - رحمه الله - بأن الحركة صفة للحرف يلفظ [بها عليه] (¬6) لا يلفظ بها وحدها (¬7).
صفحة ١٨
وهى اسم، وفعل، وحرف ...................................
قوله: وهى اسم، وفعل، وحرف
لا خلاف فى قسمتها إلى هذه الأقسام الثلاثة، وأن لا رابع إلا ما زعم بعض متأخرة المغاربة (¬1) أن ثم رابعا سماه خالفة، وهو أسماء الأفعال، ليست عنده اسما ولا فعلا ولا حرفا، وهو فاسد؛ لأنه إما أن يكون داخلا فى الثلاثة أولا، إن لم يكن داخلا فهو خارق للإجماع؛
لأنهم على أنه إما اسم، وإما فعل، وقوله قول ثالث يتضمن نفى الأولين، وإن كان داخلا ففيه جعل قسم الشئ قسيما له، وذلك لا يصح.
ويمكن أن يقال: لا يمتنع جعل قسم الشئ قسيما له إذا كان يختص دونه بأحكام، فيكون قسيما له فى ذلك الشئ لا له كله، فإنه لا يعادل نفسه، ويكون إطلاق اسم ذلك الشئ على باقيه من تسمية الجزء باسم الكل، وذلك مثل قولهم: الاسم ينقسم إلى اسم وصفة.
صفحة ١٩
وقولنا: (لا خلاف أن لا رابع)، لا يعترض بأن الزمخشرى (¬2) قسم إلى أربعة، الرابع المشترك، وطاهر (¬3) إلى عشرة (¬4)؛ لأن ذلك الرابع ليس زائدا على الاسم والفعل والحرف بل هو منها، ولكن اختص بأمر مشترك بينها، أو بين اثنين منها، وكذلك الرفع والنصب والجر وسائر ما زاده طاهر، بعضه ليس من الكلمة، ولا من أقسامها، وهى لأنها إما أن تدل على معنى في نفسها أو لا، الثانى الحرف، والأول إما أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أو لا ...
الحركات، والجزم، والعامل والتابع هما أحدا أقسام الكلمة الثلاثة لكنه ذكره باعتبار أمر، وهو كونه عاملا وتابعا.
وأما (الخط) فهو علم آخر.
وعلى الجملة فلم يذكر هؤلاء أن هذه الأقسام متفرعة عن الكلمة، وإنما ذكروها تقسيما للنحو جملة .
واعلم أنه يرد على النحاة قسمة الكلمة إلى ثلاثة سؤالان:
الأول: من حق الأقسام أن تكون منتسبة إلى جنس واحد، لا يتميز بعضها على بعض بجنس أقرب.
وهذا غير حاصل هنا، لأن الاسم والفعل يشتركان في ماهية يختصان بها على الحروف.
وهى: أنهما يدلان على معنى في أنفسهما، فقسيم الحرف هى هذه الماهية، وكل منهما قسيم للآخر.
فالأولى أن يقال: الكلمة تنقسم إلى قسمين ما يدل على معنى في نفسه، وما يدل على معنى في غيره، والدال على معنى في نفسه ينقسم إلى قسمين اسم وفعل (¬1).
والدليل على أن هذا الأولى أمران:
أحدهما: أن الغرض بتقسيم الشئ إبانة الأحكام الجارية عليه، ولا يتوفر ذلك إلا بمراعاة الأقرب من الأجناس فالأقرب، ألا ترى أنا إذا قسمنا الكلمة إلى ما يدل على معنى في نفسه، وإلى ما لا يدل، ثم قسمنا الدال على معنى نفسه إلى اسم وفعل علم أن كلا منهما يدل على معنى في نفسه، بخلاف ما لو ابتدأنا القسمة إلى ثلاثة.
وثانيهما (¬2): أنه لو جاز أن يجعل أقسام أحد القسمين قسيمة لقسيمه، لجاز أن يقسم الكلمة إلى أقسام عدة: اسم، وماض، وحال، ومستقبل، وحرف، وأن يفرع - أيضا - الحرف وتعد فروعه مقابلة للاسم، أو يفرع الاسم، وتجعل فروعه مقابلة للحرف.
صفحة ٢٠
الثانى الاسم، والأول الفعل ................
ويمكن الاعتذار: بأنهم لم يحدوا اسما للماهية التى يجتمع فيها الاسم والفعل.
السؤال الثانى: ما الفائدة بإيراد القسمة الدائرة؟ إن كانت مجرد الإخبار بمصطلح النحاة أنهم يطلقون الاسم على جميع ما دل على معنى في نفسه غير مقترن [بزمان] (¬1)، والفعل على جميع ما دل عليه مقترنا [بزمان] (¬2) والحرف ما دل على معنى في غيره، فمستقيم، لكن المفهوم أنه ما أراده.
وإن كان الاستدلال على أن الكلمة تنحصر في الاسم والفعل والحرف فهذا فاسد؛ لأن القسمة
إنما تفيد انحصار الكلمة فيما يدل على معنى نفسه، وفيما لا يدل، فإن الدال /على معنى فى نفسه 2/ب إما أن يقترن [بزمان] (¬3) أو لا، فهذه فائدة القسمة.
فأما إن أحد هذه الأقسام هو الحرف فقط، وأحدها الاسم فقط، وأحدها الفعل فقط فلا يفيده أبدا؛ إذ للمخالف أن يقسم أى هذه الأقسام إلى الذى سماه خالفة، وإلى أحد ما ذكر فتكون أربعة، أو يعكس فيسمى ما دل على معنى في نفسه حرفا أو خالفة ونحو ذلك.
صفحة ٢١
ونظير هذا الاستدلال، استدلال بعضهم على إبطال قول الجاحظ (¬4)، في قسمة الخبر إلى صادق وكاذب، ولا صادق ولا كاذب (¬5) بأن قال: الخبر الذى له مخبر إما أن يكون ....................................................
مخبره على ما هو به أولا، الثانى الكذب، والأول الصدق، ولا ثالث (¬1)، استدل هكذا جماعة من بله الأصوليين (¬2).
وهو كما ترى بمكان من الفساد؛ لأن [كلام] (¬3) الجاحظ، لا يساعد أن مسمى الصدق كل ما كان مخبره على ما هو به، وأن الكذب خلافه، وهل الخلاف إلا في ذلك؟ وهذا مثل ما ذكره المصنف في هذه المسألة سواء.
نعم، يمكن الاستدلال بهذه القسمة على من يوافق أن مسمى الاسم والفعل والحرف كل ما ذكر، ومن يوافق أن مسمى الصدق والكذب كذلك، ومثاله أن يستدل على أن الفعل لا يخلو من [قصة] (¬4) للعقل، إما حسن، وإما قبح، فيقال: لا يخلو إما أن يكون للقادر المتمكن عليه فعله، أو لا.
الثانى القبح، والأول الحسن، لما كان الخصم موافقا فيما ذكر من مسمى الحسن، والقبيح، فاعلم.
صفحة ٢٢
وقد علم بذلك حد كل واحد منها .............................
قوله: وقد علم بذلك حد كل واحد منها (¬1).
وذلك؛ لأنه قد ذكر في هذه القسمة الفصل لكل منها: فلا يبقى إلا الجنس لمن أراد الحد تاما (¬2)، ومن اكتفى بالفصل فهو حد ناقص (¬3).
صفحة ٢٣
[الكلام وما يتألف منه]
الكلام: .......................................
قوله: الكلام.
هو اسم مصدر (¬1) ك (الطلاق)، و(العناق)، لأنه من (كلم)، وقياسه (تكليما) و(كلاما) (¬2)، وقيل (¬3): بل مصدر، لأنه قد عمل قال:
صفحة ٢٤
................. ... فإن كلا ميها شفاء لما بيا (¬4) ما تضمن كلمتين بالإسناد ...................................
قوله: ما تضمن كلمتين بالإسناد.
(ما) جنس أبعد، فلو أتى ب (قول)، أو قال: (كلمتان أسندت إحداهما إلى الأخرى) (¬1) لكان أولى.
ويدخل في التضمن المنطوق به والمقدر نحو : (قم) (¬2)، بخلاف ما لو قيل: (ما تركب)؛ لأن التركيب يستدعى التعدد لفظا، قاله المصنف (¬3).
والمراد ب (الإسناد) (¬4): إسناد الجمل، فخرج نحو: المضاف والمضاف إليه، والمركب (¬5)
لا يقال هذا إضمار؛ لأنه يجاب بأن اللام للعهد؛ إذ المشهور من الإسناد في مصطلح النحاة (¬6): إسناد الجمل وهو المفيد.
وقد اعترض الحد باعتراضين:
الأول: لشيخنا السيد شرف الدين - قدس الله روحه - (الألواح والدفاتر)، فإنها متضمنة لكلمتين، قال: فلو قال: (ما تركب) لسلم، ولا يرد ما ذكر من نحو: (قم)؛ لأن المقدر كالملفوظ به في صحة إطلاق التركيب عليه؛ بدليل قولهم كلهم: إن (زيدا) من قولك: (زيد) جوابا لمن (قال): (من جاءك؟) معرب لحصول التركيب، فإذا سمى مركبا لتقدير الخبر أو الفعل مثلا، فكذا هنا، وأيضا فالسؤال وارد على المصنف في حد الكلمة كما ذكرنا.
صفحة ٢٥
........................................
ولا جواب له، إلا أنه فى حكم الملفوظ به، انتهى معنى كلامه رحمه الله.
الثانى: ما لا يصح به الإفادة (¬1) من المسند إسناد الجمل نحو: (إن قمت) يلزمه أن يكون كلاما، واحترزنا بما لا يصح به الإفادة مما لا يفيد لكنه قد يصح نحو: (السماء فوقنا) (¬2)، و(الاثنان أكثر من الواحد) فإن هذا يفيد من لم يكن عالما به كالصبيان، وهو كلام عند المصنف.
وقد أجيب: بما تقدم من أن أل للعهد، وقيل: السؤال وارد فلابد من الاحتراز عنه بأن يقال فى الحد: وحسن السكوت عليه؛ لأنه لا يحسن السكوت على قولك: (إن قمت) و(إن قام زيد)، حتى تذكر الجزاء. (¬3)
وممن قال بأنه لابد من هذه الزيادة الإمام يحيي بن حمزة (¬4) رحمه الله
وأعلم أن القول يطلق على الكلمة [المفردة وعلى جميع ما ينطق به اللسان فهو أعم من الكلام] (¬5) نحو: هذا قول الشافعى.
صفحة ٢٦