وأما النافع والضار: فإن النافع من الحديث ما كانت عواقب القول فيه # والاستماع له، والعمل عليه مفضية بسامعه إلى نفع عاجل أو آجل. والضار: ضد ذلك. فمن النافع طلب الحوائج، ومنه الشكر المنعم، ومنه حفظ السر، ومنه معاقبة المذنب، ومنه معاتبة المتنصل من الذنب، ومنه السؤدد ، ومنه الأخذ بشهود الحديث في حكايته.
والطلب ينقسم أربعة أقسام: دعاء، ومسألة، وطلب، وأمر.
فالدعاء لله وحده قال سبحانه: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
والمسألة قد تكون لله - عز وجل -، وقد تكون لمن هو فوقك من الرؤساء والمديرين. وفي المسألة لله - عز وجل - يقول الله - عز وجل - {واسألوا الله من فضله}.
والطلب من النظير، ومن هو دون النظير، والأمر لمن هو دونك. فحق العاقل أن يدعو الله - عز وجل - بحوائجه، ويرغب إليه في أموره، وأن يعلم أن الخير والشر في خزائنه، وتحت قدرته وملكه، وأنه لا يملك ذلك أحد إلا بإذنه، فيكون دعاؤه إياه بالإخلاص والإخبات والتضرع كما قال سبحانه: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية}، وكما قال في وصف أنبيائه: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}، وأن يقدم قبل الدعاء التحميد والتمجيد والثناء على الله سبحانه، فإن المدح قبل المسألة. وقد روي ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث مشهور، وأن يعلم أن الدعاء هو العبادة الكبرى.
صفحة ٢١٩