البرهان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
ربك الذي خلق﴾ فزاد في الْأُولَى ﴿الْأَعْلَى﴾ وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ: ﴿خَلَقَ﴾ مُرَاعَاةً لِلْفَوَاصِلِ فِي السُّورَتَيْنِ وَهِيَ فِي سَبِّحْ ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾ وَفِي الْعَلَقِ: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾
الْعَاشِرُ: صَرْفُ مَا أَصْلُهُ أَلَّا يَنْصَرِفَ كقوله تعالى: ﴿قواريرا قواريرا﴾ صَرَفَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ آخِرُ الْآيَةِ وَآخِرُ الثَّانِي بِالْأَلِفِ فَحَسُنَ جَعْلُهُ مَنَوَّنًا لِيُقْلَبَ تَنْوِينُهُ أَلِفًا فَيَتَنَاسَبُ مَعَ بَقِيَّةِ الْآيِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿سَلَاسِلَا وأغلالا﴾ فَإِنَّ ﴿سَلَاسِلَا﴾ لَمَّا نُظِمَ إِلَى ﴿وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا﴾ صُرِفَ وَنُوِّنَ لِلتَّنَاسُبِ وَبَقِيَ قَوَارِيرَ الثَّانِي فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آخِرَ الْآيَةِ جَازَ صَرْفُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَّنَ قَوَارِيرًا الْأَوَّلَ نَاسَبَ أَنْ يُنَوَّنَ قَوَارِيرًا الثَّانِي لِيَتَنَاسَبَا وَلِأَجْلِ هَذَا لَمْ يُنَوِّنْ قَوَارِيرًا الثَّانِيَ إِلَّا مَنْ يُنَوِّنُ قَوَارِيرًا الْأَوَّلَ وَزَعَمَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ صَرْفَ مَا كَانَ جَمْعًا فِي الْقُرْآنِ لِيُنَاسِبَ رُءُوسَ الْآيِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿سَلَاسِلًا وَأَغْلَالًا﴾ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ سَلَاسِلًا لَيْسَ رَأْسَ آيَةٍ وَلَا قَوَارِيرًا الثَّانِي وَإِنَّمَا صُرِفَ لِلتَّنَاسُبِ وَاجْتِمَاعِهِ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُنْصَرِفَاتِ فَيُرَدُّ إِلَى الأصل ليتناسب معهاونظيره فِي مُرَاعَاةِ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّ الْأَفْصَحَ أَنْ يُقَالَ بَدَأَ ثُلَاثِيٌّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودون﴾ وقال تعالى: ﴿كيف بدأ الخلق﴾ ثُمَّ قَالَ ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يعيده﴾ فَجَاءَ بِهِ رُبَاعِيًّا فَصِيحًا لِمَا حَسَّنَهُ مِنَ التَّنَاسُبِ بِغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿يُعِيدُهُ﴾
1 / 66