البرهان في علوم القرآن

بدر الدين الزركشي ت. 794 هجري
55

البرهان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

قُلْتُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ توقيفي وهذا الرَّاجِحُ كَمَا سَيَأْتِي وَإِذَا اعْتَبَرْتَ افْتِتَاحَ كُلِّ سُورِهِ وَجَدْتَهُ فِي غَايَةِ الْمُنَاسَبَةِ لِمَا خَتَمَ بِهِ السُّورَةَ قَبْلَهَا ثُمَّ هُوَ يَخْفَى تَارَةً وَيَظْهَرُ أُخْرَى كَافْتِتَاحِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ بِالْحَمْدِ فَإِنَّهُ مُنَاسِبٌ لِخِتَامِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ مَنْ فَصْلِ الْقَضَاءِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الحمد لله رب العالمين﴾ وَكَافْتِتَاحِ سُورَةِ فَاطِرٍ بِـ ﴿الْحَمْدُ﴾ أَيْضًا فَإِنَّهُ مُنَاسِبٌ لِخِتَامِ مَا قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ من قبل﴾ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظلموا والحمد لله رب العالمين﴾ وَكَافْتِتَاحِ سُورَةِ الْحَدِيدِ بِالتَّسْبِيحِ فَإِنَّهُ مُنَاسِبٌ لِخِتَامِ سورة الواقعة من الأمر به وكافتتاح الْبَقَرَةِ بِقَوْلِهِ ﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فيه﴾ إِشَارَةٌ إِلَى ﴿الصِّرَاطَ﴾ فِي قَوْلِهِ ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ المستقيم﴾ كَأَنَّهُمْ لَمَّا سَأَلُوا الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ الصِّرَاطُ الَّذِي سَأَلْتُمُ الْهِدَايَةَ إِلَيْهِ هُوَ الْكِتَابُ وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ يَظْهَرُ فِيهِ ارْتِبَاطُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَهُوَ يَرُدُّ سُؤَالَ الزَّمَخْشَرِيِّ فِي ذَلِكَ وَتَأَمَّلِ ارْتِبَاطَ سُورَةِ ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ بِسُورَةِ الْفِيلِ حَتَّى قَالَ الْأَخْفَشُ: اتِّصَالُهَا بِهَا مِنْ بَابِ قَوْلِهِ ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾

1 / 38