252

البرهان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ثُمَّ كَتَبْتُ فَثَبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ عَلَى هَذَا التَّأْلِيفِ وَالْجَمْعِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَإِنَّمَا تَرَكَ جَمْعَهُ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ النَّسْخَ كَانَ يَرِدُ عَلَى بَعْضٍ فَلَوْ جَمَعَهُ ثُمَّ رُفِعَتْ تِلَاوَةُ بَعْضٍ لَأَدَّى إِلَى الِاخْتِلَافِ وَاخْتِلَاطِ الدِّينِ فَحَفِظَهُ اللَّهُ فِي الْقُلُوبِ إِلَى انْقِضَاءِ زَمَانِ النَّسْخِ ثُمَّ وُفِّقَ لِجَمْعِهِ الخلفاء الراشدين
نسخ القرآن في المصاحف
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اشْتُهِرَ أَنَّ عُثْمَانَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْمَصَاحِفَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ بَلْ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَهَا فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ الصِّدِّيقُ ثُمَّ أَمَرَ عُثْمَانُ حِينَ خَافَ الِاخْتِلَافَ فِي الْقِرَاءَةِ بِتَحْوِيلِهِ مِنْهَا إِلَى الْمَصَاحِفِ هَكَذَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ
قَالَ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ التَّأْلِيفَ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّ الْجَمْعَ فِي الْمُصْحَفِ كَانَ فِي زمن أبي بكر وَالنَّسْخُ فِي الْمَصَاحِفِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَكَانَ مَا يَجْمَعُونَ وَيَنْسَخُونَ مَعْلُومًا لَهُمْ بِمَا كَانَ مُثْبَتًا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِمَشُورَةِ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَارْتَضَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَحُمِدَ أَثَرُهُ فِيهِ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ الَّذِي اسْتَبَدَّ بِهِ عُثْمَانُ جَمْعُ النَّاسِ عَلَى قِرَاءَةٍ مَحْصُورَةٍ وَالْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي الِانْتِصَارِ لَمْ يَقْصِدْ عُثْمَانُ قَصْدَ أَبِي بَكْرٍ فِي جَمْعِ نَفْسِ الْقُرْآنِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ وَإِنَّمَا قَصَدَ جَمْعَهُمْ عَلَى الْقِرَاءَاتِ الثَّابِتَةِ الْمَعْرُوفَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَإِلْغَاءَ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَخْذَهُمْ بِمُصْحَفٍ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ وَلَا تَأْوِيلَ أُثْبِتَ

1 / 235