246

البرهان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ جِهَةِ حَسَّانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فُصِلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَجَعَلَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَحَسَّانُ هُوَ ابْنُ أَبِي الْأَشْرَسِ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ
وَبِالثَّانِي: قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ
وَبِالثَّالِثِ: قَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مُنَزَّلٌ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْإِنْزَالِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ إِظْهَارُ الْقُرْآنِ وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ أَفْهَمَ كَلَامَهُ جِبْرِيلَ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ عَالٍ مِنَ الْمَكَانِ وَعَلَّمَهُ قِرَاءَتَهُ ثُمَّ جِبْرِيلُ أَدَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ يَهْبِطُ فِي الْمَكَانِ
وَالتَّنْزِيلُ لَهُ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ انْخَلَعَ مِنْ صُورَةِ الْبَشَرِيَّةِ إِلَى صُورَةِ الْمَلَائِكَةِ وَأَخَذَهُ مِنْ جِبْرِيلَ
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَلَكَ انْخَلَعَ إِلَى الْبَشَرِيَّةِ حَتَّى يَأْخُذَ الرَّسُولُ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَصْعَبُ الْحَالَيْنِ
وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ حِكَايَةَ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي الْمُنَزَّلِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مَا هُوَ
أَحَدُهَا أَنَّهُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَأَنَّ جِبْرِيلَ حَفِظَ الْقُرْآنَ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَنَزَلَ بِهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحْرُفَ الْقُرْآنِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا بِقَدْرِ جَبَلِ قَافٍ وَأَنَّ تَحْتَ كُلِّ حَرْفٍ مَعَانٍ لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ ﷿ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْغَزَالِي إِنَّ هَذِهِ الْأَحْرُفَ سُتْرَةٌ لمعانيه

1 / 229