238

البرهان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَّمَا هَذِهِ الْأَحْرُفُ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَتْ تَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ
واحتج ابن عبد البر بحديث سلمان بْنِ صُرَدٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَرَأَ أُبَيٌّ آيَةً وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ آيَةً خِلَافَهَا وَقَرَأَ رَجُلٌ آخَرُ خِلَافَهُمَا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: " أَلَمْ تَقْرَأْ آيَةَ كَذَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَلَمْ تَقْرَأْ آيَةَ كَذَا فَقَالَ: كُلُّكُمْ مُحْسِنٌ مُجْمِلٌ" وَقَالَ: "يَا أُبَيُّ إِنِّي أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقُلْتُ عَلَى حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ فَقَالَ لِيَ الْمَلَكُ عَلَى حَرْفَيْنِ فَقُلْتُ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؟ فَقَالَ عَلَى ثَلَاثَةٍ هَكَذَا حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ ليس فيها إلا شاف قُلْتُ غَفُورًا رَحِيمًا أَوْ قُلْتُ سَمِيعًا حَكِيمًا أَوْ قُلْتُ عَلِيمًا حَكِيمًا أَوْ قُلْتُ عَزِيزًا حَكِيمًا أَيَّ ذَلِكَ قُلْتُ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا ضَرْبَ الْمَثَلِ لِلْحُرُوفِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَعَانٍ مُتَّفِقٌ مَفْهُومُهَا مُخْتَلِفٌ مَسْمُوعُهَا لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَعْنًى وَضِدُّهُ وَلَا وَجْهَ يُخَالِفُ مَعْنَى وَجْهٍ خِلَافًا يَنْفِيهِ وَيُضَادُّهُ كَالرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْعَذَابِ وَضِدُّهُ.
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ اقْرَأْ عَلَى حَرْفٍ فَقَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ فَقَالَ عَلَى حَرْفَيْنِ فَقَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ حَتَّى بَلَغَ إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَقَالَ اقْرَأْهُ فَكُلٌّ شَافٍ كَافٍ إِلَّا أَنْ تَخْلِطَ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ وَآيَةَ عَذَابٍ بِآيَةِ رَحْمَةٍ نَحْوَ هَلُمَّ وَتَعَالَ وَأَقْبِلْ وَاذْهَبْ وَأَسْرِعْ وَعَجِّلْ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ﴿لِلَّذِينَ آمنوا انظرونا﴾ "أَمْهِلُونَا أَخِّرُونَا ارْقُبُونَا وَ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مشوا فيه﴾ مَرُّوا فِيهِ سَعَوْا فِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِلَّا أَنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ الَّذِي بِأَيْدِي النَّاسِ الْيَوْمَ هُوَ فِيهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا أهل العلم

1 / 221