236

البرهان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَدْ أَنْكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ سَبْعَ لُغَاتٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُنْكِرِ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ لُغَتِهِ الَّتِي طُبِعَ عَلَيْهَا وَأَيْضًا فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ كِلَاهُمَا قُرَشِيٌّ وَقَدِ اخْتَلَفَتْ قِرَاءَتُهُمَا وَمُحَالٌ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ عُمَرُ لُغَتَهُ
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا فِي تَعْيِينِ السَّبْعِ فَأَكْثَرُوا وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَصْلُ ذَلِكَ وَقَاعِدَتُهُ قُرَيْشٌ ثُمَّ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتُرْضِعَ فِيهِمْ وَنَشَأَ وَتَرَعْرَعَ وَهُوَ مُخَالِطٌ فِي اللِّسَانِ كِنَانَةَ وَهُذَيْلًا وَثَقِيفًا وَخُزَاعَةَ وَأَسَدًا وَضَبَّةَ وَأَلْفَافَهَا لِقُرْبِهِمْ مِنْ مَكَّةَ وَتَكْرَارِهِمْ عَلَيْهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِ هَذِهِ تَمِيمًا وَقَيْسًا وَمَنِ انْضَافَ إِلَيْهِمْ وَسَكَنَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ
قَالَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ: إِنْ قُلْنَا مِنَ الْأَحْرُفِ لقريش ومنها لكنانة وَلِأَسَدٍ وَهُذَيْلٍ وَتَمِيمٍ وَضَبَّةَ وَأَلْفَافِهَا وَقَيْسٍ لَكَانَ قَدْ أَتَى عَلَى قَبَائِلِ مُضَرَ فِي قِرَاءَاتٍ سَبْعٍ تَسْتَوْعِبُ اللُّغَاتِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ هِيَ الَّتِي انْتَهَتْ إِلَيْهَا الْفَصَاحَةُ وَسَلِمَتْ لُغَاتُهَا مِنْ الدَّخَلِ وَيَسَّرَهَا اللَّهُ لِذَلِكَ ليظهر أنه نَبِيِّهِ بِعَجْزِهَا عَنْ مُعَارَضَةِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَيُثْبِتَ سَلَامَتَهَا أَنَّهَا فِي وَسَطِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فِي الْحِجَازِ وَنَجْدٍ وَتِهَامَةَ فَلَمْ تُفَرِّقْهَا الْأُمَمُ.
وَقِيلَ: هَذِهِ اللُّغَاتُ السَّبْعُ كُلُّهَا فِي مُضَرَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عُثْمَانَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ مُضَرَ قَالُوا وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا لِقُرَيْشٍ وَمِنْهَا لِكِنَانَةَ وَمِنْهَا لِأَسَدٍ وَمِنْهَا لِهُذَيْلٍ وَمِنْهَا لِضَبَّةَ وَلِطَابِخَةَ فَهَذِهِ قَبَائِلُ مُضَرَ تَسْتَوْعِبُ سَبْعَ لُغَاتٍ وَتَزِيدُ.
قَالَ: أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَنْكَرَ آخَرُونَ كَوْنَ كُلِّ لُغَاتِ مُضَرَ فِي القرآن لأن

1 / 219