البرهان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: "بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بين السماء والأرض فجثثت منه فرقا فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي" فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﵎ ﴿يا أيها المدثر قم فأنذر﴾ فَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْمَلَكِ الَّذِي جَاءَهُ بِحِرَاءٍ قَبْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ وَأَخْبَرَ في حديث عائشة أن نُزُولَ: ﴿اقْرَأْ﴾ كَانَ فِي غَارِ حِرَاءٍ وَهُوَ أَوَّلُ وَحْيٍ ثُمَّ فَتَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الْوَحْيَ تَتَابَعَ بَعْدَ نزول ﴿يا أيها الْمُدَّثِّرُ﴾ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ: ﴿اقْرَأْ﴾ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مُطْلَقًا وَأَنَّ سُورَةَ الْمُدَّثِّرِ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ لَا تَضَادَّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بَلْ أَوَّلُ مَا نَزَلِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
بِغَارِ حِرَاءٍ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى خَدِيجَةَ ﵂ وَصَبَّتْ عَلَيْهِ الْمَاءَ الْبَارِدَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي بيت خديجة ﴿يا أيها الْمُدَّثِّرُ﴾ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ: ﴿اقْرَأْ﴾ رجع فتدثر فأنزل عليه ﴿يا أيها الْمُدَّثِّرُ﴾
وَقِيلَ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ انْطَلَقَ هَارِبًا وَذَكَرَ نُزُولَ الْمَلَكِ عَلَيْهِ وَقَوْلَهُ قُلْ ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ إِلَى آخِرِهَا
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: فِي الِانْتِصَارِ وَهَذَا الْخَبَرُ مُنْقَطِعٌ وَأَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ ﴿اقْرَأْ باسم ربك﴾ ويليه في القوة ﴿يا أيها الْمُدَّثِّرُ﴾ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَقَاوِيلِ أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ وأول ما نزل من أوامر التبليغ ﴿يا أيها الْمُدَّثِّرُ﴾ وَأَوَّلَ مَا نَزَلَ
1 / 207