البرهان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَكْثَرِ وَلَيْسَ بِعَامٍّ وَفِي كثير من السور المكية ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ انْتَهَى
وَالْأَقْرَبُ تَنْزِيلُ قَوْلِ مَنْ قَالَ مَكِّيٌّ وَمَدَّنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ الْمَقْصُودُ بِهِ أَوْ جُلُّ الْمَقْصُودِ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَفِي تَفْسِيرِ الرَّازِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْحَسَنِ أَنَّ ما في القرآن يأيها الناس مكي وما كان يأيها الَّذِينَ آمَنُوا فَبِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ إِنْ كَانَ الرُّجُوعُ فِي هَذَا إِلَى النَّقْلِ فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ فِيهِ حُصُولَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْكَثْرَةِ دُونَ مَكَّةَ فَضَعِيفٌ إِذْ يَجُوزُ خِطَابُ الْمُؤْمِنِينَ بِصِفَتِهِمْ وَاسْمِهِمْ وَجِنْسِهِمْ وَيُؤْمَرُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعِبَادَةِ كَمَا يُؤْمَرُ الْمُؤْمِنُونَ بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهَا والازدياد منها انتهى
فصل
ويقع السؤال أَنَّهُ هَلْ نَصَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ؟ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: فِي الِانْتِصَارِ إِنَّمَا هَذَا يَرْجِعُ لِحِفْظِ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَادَةِ مِنْ مَعْرِفَةِ مُعَظِّمِي الْعَالِمِ وَالْخَطِيبِ وَأَهْلِ الْحِرْصِ عَلَى حِفْظِ كَلَامِهِ وَمَعْرِفَةِ كُتُبِهِ وَمُصَنَّفَاتِهِ مِنْ أَنْ يَعْرِفُوا مَا صَنَّفَهُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَحَالُ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ أَمْثَلُ وَالْحِرْصُ عَلَيْهِ أَشَدُّ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ وَلَا وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ اعْلَمُوا أَنَّ قدر ما نزل بِمَكَّةَ كَذَا وَبِالْمَدِينَةِ كَذَا وَفَصَّلَهُ لَهُمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لَظَهَرَ وَانْتَشَرَ وَإِنَّمَا لَمْ يفعله أنه لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ عِلْمَ ذَلِكَ مِنْ فَرَائِضِ الْأُمَّةِ وَإِنْ وَجَبَ فِي بَعْضِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةُ تَارِيخِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لِيُعْرَفَ الْحُكْمُ الَّذِي تَضَمَّنَهُمَا فَقَدْ يُعْرَفُ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصِّ الرَّسُولِ بِعَيْنِهِ وَقَوْلُهُ
1 / 191