110

البرهان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَتُحَمِّدُهُ وَلَا عِصْيَانَ فِي حَقِّهَا وَأَنْتُمْ تَعْصُونَ فَالْحِلْمُ وَالْغُفْرَانُ لِلتَّقْدِيرِ فِي الْآيَةِ وَهُوَ الْعِصْيَانُ
وَفِي الْحَدِيثِ: " لَوْلَا بَهَائِمُ رُتَّعٌ وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا"
الثَّالِثُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شيء إلا يسبح بحمده﴾، أَيْ أَنَّهُ كَانَ لِتَسَابِيحِ الْمُسَبِّحِينَ حَلِيمًا عَنْ تَفْرِيطِهِمْ غَفُورًا لِذُنُوبِهِمْ أَلَا تَرَاهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الغفور الرحيم﴾ وَكَأَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ إِمَّا الْعَفْوُ عَنْ تَرْكِ الْبَحْثِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْفَهْمِ لِمَا فِي الْأَشْيَاءِ مِنَ الْعِبَرِ وَأَنْتُمْ عَلَى الْعِصْيَانِ أَوْ يُرِيدُ بِهَا الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا تُسَبِّحُهُ وَمِنْهَا مَا يَعْصِيهِ وَيُخَالِفُهُ فَيَغْفِرُ عِصْيَانَهُمْ بِتَسَابِيحِهِمْ.
تَنْبِيهٌ
قَدْ تَكُونُ الْفَاصِلَةُ لَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَقِبَ الْأَمْرِ بِالْغَضِّ فِي سُورَةِ النُّورِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ وَقَوْلِهِ عَقِبَ الْأَمْرِ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ وَالْإِجَابَةِ: ﴿لَعَلَّهُمْ يرشدون﴾ وَقِيلَ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ أَيْ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ إِلَى مَعْرِفَتِهَا.

1 / 93