حقا إن هذه هي أسس العدل، وقد أنشأ عمر مملكته عليها، والعدل أساس الملك.
عمر والمساواة بين الرعية
ثم مثل لي عمر، وكيف كان لا يعرف طريقا لمجاملة كبير، فالأمير والحقير لديه سيان، وابن الأمير لا يعلو على ابن الصغير، ثم ذكرت ما حدث من اعتداء ابن عمرو بن العاص على ابن رجل فقير في مصر، وحضور الرجل وابنه إلى المدينة؛ حيث شكا الوالد أمر ولده إلى أمير المؤمنين الذي استقدم عمرو بن العاص وابنه، فلما مثلا بين يديه في مواجهة شاكييهما، وأدلى الرجل بشكايته، أمر عمر ولد الرجل أن يضرب ابن عمرو بن العاص وإن كان أبوه حاكما.
وما كان عمر يرضى أن يغتصب الحكام أراضي الرعية أو أموالهم، فقد حدث أن جار عمرو بن العاص على قطعة أرض لامرأة عجوز مسكينة قبطية، وضمها إلى الأرض التي شيد عليها مسجده، فجاءت المرأة إلى المدينة تسعى، فلما قابلت أمير المؤمنين وأفضت له بغصب أرضها بفعل عامله عمرو بن العاص، كتب إليه عمر يقول بعد حمد الله والثناء عليه:
يا ابن العاص، نحن أحق بالعدل من كسرى.
فلما عادت المرأة إلى مصر وأعطت ابن العاص كتاب عمر، وضعه على رأسه إكبارا وإجلالا، وأعطى المرأة عشرة أمثال ثمن أرضها.
عمر وعزوفه عن مال المسلمين
وتمثل في خاطري كيف كان عمر يقتر على نفسه؛ إذ كان يتقاضى من بيت مال المسلمين ما دون كفايته وأهله، إلى حد أنه كان يقترض من أمين بيت المال، فإذا تناول راتب الشهر وفى بما عليه من دين لهذا الأمين.
وذكرت ما كان من أمر بعض أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
صفحة غير معروفة