وعقد محمد مؤتمرا من صحبه من الأنصار أهل يثرب، ومن المهاجرين من قريش، وقال لهم ما معناه أنهم أمام عدو شديد، إن سكتوا عنه كان الخطر عليهم في سكوتهم، ثم طلب
صلى الله عليه وسلم
منهم المشورة، فقال الأنصار على لسان كبيرهم سعد بن معاذ: «إن كنت توجه إلينا القول يا رسول الله، فإننا قد آمنا بك وصدقناك، وإن العهود التي قطعناها على أنفسنا أمام الله تلزمنا الطاعة، وتجعلنا أتبع لك من ظلك، فامض إلى ما أرادك الله.»
وقام المقداد بن عمرو على أثر سعد بن معاذ، وخطب فقال: «يا رسول الله، إنا معك، وإنا لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى:
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكنا نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي أيدك بالحق لو سرت بنا إلى أقصى حدود الكون لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه.»
وأخذ الخطباء بعد ذلك يتبارون متحمسين للحرب، مؤكدين أن رجلا واحدا، بل غلاما واحدا منهم لن يتخلف عن صفوف المقاتلين المجاهدين.
هنا أشرق وجه الرسول
صلى الله عليه وسلم
بابتسامة الرضا عن هؤلاء الأنصار المدفوعين بروح من قوة الله إلى الدفاع عن دينه، وإلى الذود في سبيل الدفاع عن نبيهم الكريم.
ثم سار محمد يحيط به قواده، وخلفه جموع جيشه المجاهدون، وأمامهم الرايات السود، رايات التوحيد، وقال الرسول وقد بدءوا المسير: «سيروا وأبشروا، فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، فوالله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.» •••
صفحة غير معروفة