هذه هي الأصناف العشرة من صحابة النبي ممن لا يمكن توصيفهم بالعدالة والتقوى ، أتينا بها في هذه العجالة مضافا إلى الأصناف المضادة لها ، ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى الآيات الواردة في أوائل سورة البقرة وسورة النساء وغيرها من الآيات القرآنية فترى فيها أن الإيمان بعدالة الصحابة مطلقا خطأ في القول ، وزلة في الرأي ، يضاد نصوص الذكر الحكيم ولم تكن الصحابة إلا كسائر الناس فيهم صالح تقي ، بلغ القمة في التقى والنزاهة ، وفيهم طالح شقي ، سقط إلى هوة الشقاءوالدناءة.
ولكن الذي يميز الصحابة عن غيرهم أنهم رأوا نور النبوة وتشرفوا بصحبة النبي صلى الله عليه وآلهوسلم وشاهدوا معجزاته في حلبة المباراة بأم أعينهم ، ولأجل ذلك تحملوا مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام الأجيال المعاصرة لهم واللاحقة بهم ، فإنهم ليسوا كسائر الناس ، فزيغهم وميلهم عن الحق أشد لا يعادل زيغ أكثر الناس وانحرافهم ، وقد قال سبحانه في حق أزواج النبي صلى الله عليه وآلهوسلم بقوله : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ... ) (1) فلو انحرف هؤلاء فقد انحرفوا في حال شهدوا النور ، ولمسوا الحقيقة ، وشتان الفرق بينهم وبين غيرهم.
الصحابة في السنة النبوية
إذا راجعنا الصحاح والمسانيد نجد أن أصحابها أفردوا بابا بشأن فضائل الصحابة ، إلا أنهم لم يفردوا بابا في مثالبهم بل أقحموا ما يرجع إلى هذه الناحية في أبواب أخر ، سترا لمثالبهم ، وقد ذكرها البخاري في الجزء التاسع من صحيحه في باب الفتن ، وأدرجها ابن الأثير في جامعه في أبواب القيامة عند البحث عن الحوض ، والوضع الطبيعي لجمع الأحاديث وترتيبها ، كان يقتضي عقد باب مستقل للمثالب في جنب الفضائل حتى يطلع القارئ على قضاء السنة حول صحابة النبي الأكرم.
صفحة ٢١٥