الخامس : أنهم ذكروا أن من صفاتها النفخ ، ويشاركها فيه الظاء والذال والزاي ، ولا يتحقق ذلك إلا في الضاد الشبيهة بالظاء / أما الضاد الطائية فلا توجد فيها 8 أهذه الصفة ، كما يشهد به من أحاط بالمقدمة معرفة ، ولكونها تشارك الزاي والظاء في هذه الصفة ونحوها قد يجعلها العرب في مقابلتها في قوافي الشعر ، قال الشيخ عبد اللطيف البغدادي في شرح نقد الشعر لقدامة في باب الإكفاء : قال بعض العلماء: اختلاف الروي هو الإكفاء ، وهو غلط من العرب ، ولا يجوز لغيرهم ، وإنما يغلطون فيه إذا تقارب الحروف ، وأنشد :
كأن أصوات القطا المنقض بالليل أصوات الحصا المنقز (¬1)
... قلت : ومن هنا أيضا ساغ ما عمله بعضهم من اللغز في الخيمة بقوله :
... ... ومضروبة من غير جرم أتت به ... ... إذا ما هدى الله الأنام أظلت
ومما ينحو هذا المنحى ما ذكره الصلاح الصفدي في كتاب فض الختام عن التورية والاستخدام ، حيث قال : الأصل الرابع فيما يحصل من الوهم والاشتراك ، أنشدني بعضهم لأبي الحسين الجزار ، ولم أتحقق نسبة ذلك إليه ؛ لأن أبا الحسين يجل قدره عن الوقوع في مثل هذا :
وقائل قال ما أعددت من أهب لذا الشتاء وذا البرد الذي عرضا
/فقلت دعني فقد أعددت لي بدنا مشجا وشقا في القلب قد قرضا 8ب
وقد وهم الشاعر في قوله قرض ، لأن الذي يدبغ به إنما هو بالظاء ، وقد نصوا على ذلك ، وهو أشهر من أن ينبه عليه ، والقرض بمعنى القطع بالضاد ليس إلا ، والقافية ضادية كما يرى ، ولكن الشاعر ما قصر في قوله وشقا ، وتركيبه هذا من حرف واسم ، وجعله نوعا من أنواع الفراء ، انتهى .
قلت : والعذر للشاعر واضح من اشتباه الحرفين كما بينا ، ولا يخفى أن القرظ نوع من الفراء ، وهو المناسب للمقام ، فقوله الذي يدبغ به فيه تسامح ، وبالجملة فلا يبعد انتساب هذا الشعر الحسن إلى أبي الحسين ، ولا شك بالظاء .
صفحة ٨