وسألتم عن التحقيق لما ذكره أهل المعاني والبيان في الفرق في اقتضاء (كل) العموم بين الإثبات والنفي، وهل كلام أهل الأصول كذلك أم لا؟
فنقول لاخلاف بين الأصوليين والبيانيين في أن (كلا) تفيد العموم سواء في الإثبات أوفي النفي لكنها تختلف حالتها في التقدم والتأخر والدخول على المثبت والمنفي،ولسعد الدين والسكاكي وعبد القاهر الأنظار المعروفة كما حكاها في التلخيص وشروحه، وهو يتخرج مما ذكرنا صور يعرف بها أن القاعدة أن سلب العموم لا يستلزم عموم السلب حكم أكثري لا كلي:
أما سلب العموم فكقولك (لم يقم كل رجل) ، فالمعنى لم يقم المجموع، وأما الآحاد فجائز ، فهذا لا يستلزم عدم قيام واحد لكن قد يستلزمه في مثل قوله تعالى: { ولا تطع كل حلاف مهين} {والله لا يحب كل مختال فخور}{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} مما أفاد المعنى عموم السلب بمعونة المقام ودليل العقل والسمع ، ومن هاهنا ظهر أنه حكم أكثري لا كلي،
وأما عموم السلب فلا شك أنه مستلزم لسلب العموم كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((كل ذلك لم يكن)) فقد أراد نفي الآحاد من القصر والنسيان المستلزم نفي المجموع ولهذا أجابه الصحابي بقوله: (بعض ذلك قد كان) لما فهم من عموم السلب.
وقلتم: إذا دخلت (كل) على ذي الأداة، مثل {كل الطعام} فهل تفيد تأسيسا أو تأكيدا .. الخ؟.
صفحة ٧٣