بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ " [الحجرات /٦] وفي القراءة الأخرى " فَتَثَبَّتُوا ".
قديمًا كنت لا أفهم هذه الآية على وجهها، فأقول: إذا جاءني عدلٌ فأخبرني بشيء ما عن أخٍ لي فليس هو بداخل في هذه الآية، فقال لي بعض مشايخنا: لا إن الله سمى النمام فاسقًا، فكل من جاءك بنبأ يترتب عليه إفساد ذات البين فهو فاسق، سماه الله فاسقًا ابتداءً فوجب التثبت والتبين في كل ما حمله من أخبار، لما سوف ينتج عن هذا من إفساد بين المسلم وأخيه.
وعن أبى هريرة ﵁ قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: " إياكم والظن فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " (١)
اللهم صلِّ على النبي محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، هذه معالم عظيمة جدًا يضعها رسول الله ﷺ أمام المسلم لكي تنضبط العلاقات الأخوية بين المسلمين.
يقول: " لا تجسسوا ولا تحسسوا " فينبغي أن تكون سليم الصدر، لماذا تبحث عن عورات المسلمين؟!!
يقول ﷺ: " يا معشر من آمن بلسانه ولم تؤمن قلوبهم لا تتبعوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عورة المسلم تتبع الله عورته " (٢)
_________
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (٦٠٦٤) ك الأدب، باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر - واللفظ له ـ، ومسلم (٢٥٦٣) ك البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٨٨٠) ك الأدب، باب في الغيبة، والإمام أحمد (٤/ ٤٢١)، وصححه الشيخ الألباني ﵀ في صحيح الجامع (٧٩٨٤).
1 / 57