86

استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس

محقق

أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني

الناشر

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

تصانيف

إليّ من أن أقف بين يديه فيسألني ثم يأمر بي إِلَى الجنة" قال: فحدثت به أبا سليمان فَقَالَ: بل نقف بالموقف فتقر به أعيننا". وإلى قول أبي سليمان ذهب أبو يزيد وغيره من المحبين، وإلى قول الفضيل ذهب حذيفة المرعشي؛ فإنَّه قال: "لو نزل عَلَيَّ ملك من السماء يخبرني أن لا أرى النار بعيني وأني أصير إِلَى الجنة، إلا أني أقف بين يدي ربي، ثم أصير إِلَى الجنة. فقلت: لا أريد الجنة ولا أقف ذلك الموقف". ورُوي عن أحمد بن أبي الحواري معنى ذلك أيضًا. ورُوي أن الأسود بن يزيد لما احتضر بكى: فقِيلَ لَهُ: ما هذا الجزع؟ قال: "ما لي لا أجزع ومن أحق بذلك مني، والله لو أتيت بالمغفرة من الله ﷿ لأهمني الحياء منه مما قد صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه، فلا يزال مستحيًا منه". قال ابن أبي الدُّنْيَا: حدثني حسين بن عبد العزيز قال: "كان عندنا شيخ عَلَى أمور ثم أقلع عنها، فلما احتضر أغمي عليه ثم أفاق، فَقَالَ: إن رأيت كأني ميت، وكأن آتيًا أتاني فانطلق بي إِلَى الله ﷿ حتى وقف بي دون الحجاب، فكأنه أرادني عَلَى الدخول فتداخلني الحياء والخوف، وكأنه يقول: ما هو إلا الدخول عليه ﷿ أو دخول النار. قال: فكأني اخترت دخول النار للذي أصابني من الحياء. قال: فانطلق بي ثم إنه عرج بي وقِيلَ لَهُ: انطلق به إِلَى الجنة". ورُوي عن أبي حامد الخلقاني: "أنَّه أنشدَ الإمامَ أحمد هذين البيتين: إذا ما قال لي ربي ... أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي ... وبالعصيان تأتيني فأمره أحمد بإعادتهما عليه، فأعادهما [عليه] (١) فدخل أحمد داره وجعل

(١) من المطبوع.

3 / 375