79

استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس

محقق

أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني

الناشر

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

تصانيف

فصل ["انكسار قلوبهم بحب ربهم"] (١) ومما يستحليه المحبون لله ﷿ اختيارهم الذل له عَلَى الشَّرفِ، والخمول عَلَى الشهرة. قال مخلد بن الحسين: "ما أحبَّ الله عَبْدٌ فأحب أن يعرف الناس مكانه". وقال أحمد بن أبي الحواري: "من عبد الله عَلَى المحبة لا يحب أن يرى خدمته سوى محبوبه". وقال ذو النون: "كل مطيع مستأنس، وكل عاص مستوحش، وكل محب ذليل، وكل خائف هارب، وكل راج طالب". وكان بشر يقول في دعائه: "اللهم إنك تعلم أن الذل أَحَبّ الي من العز، وأن الفقر أَحَبّ الي من الغنى، وأني لا أوثر عَلَى حبك شيئًا. فسمعه رجل فأخذه البكاء، فَقَالَ: [اللهم] (٢) أنت تعلم أني لو علمت أن هذا ها هنا لم أتكلم". وسئل يوسف بن الحسين: "ما بال المحبين يتلذذون بالذل في المحبة؟! فأنشأ يقول: ذُلُّ الفتى في الحبِّ مكرمةٌ ... وخضوعه لحبيبه شرفُ وفي هذا المعنى يقول القائل: مساكين أهل الحبِّ حتى قبورهم ... عليها ترابُ الذلِّ بين المقابر

(١) هذا العنوان ليس في الأصل، وهو من تصرف محقق المطبوع. (٢) من المطبوع.

3 / 368