58

استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس

محقق

أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني

الناشر

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

تصانيف

مطلوب". قالت: "وربما ترنم في السحر بشيء من القرآن" فأرى أن جميع نعيم الدُّنْيَا جمع في ترنمه تلك الساعة. قالت: وكان يكون في الدار وحده، وكان لا يصبح -أي: لا يسرج". وروى الحافظ أبو الفرج بإسناده عن الربيع قال: "بت أنا ومحمد بن المنكدر وثابت البناني عند ريحانة المجنونة (بالأُبُلَّةِ) (١) فقامت بالليل وهي تقول: قام المحب إِلَى المؤمل قومةً ... كاد الفواد من السرور يطير فلما كان جوف الليل سمعتها تقول أيضًا: لا تأنسن بمن توحشك نظرته ... فتمنعن من التذكار في الظلم واجهد وكد وكن في الليل ذا شجن ... يسقيك كأس وداد العز والكرم قال: ثم نادت: واحزناه! واسلباه!. فقلت: مم ذا؟! فقالت: ذهب الظلام بأنسه وبإلفه ... ليت الظلام بأنسه يتجدد". وروى ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن مطرف بن أبي بكر الهذلي قال: "كانت عجوز في عبد القيس متعبدة (فإذا) (٢) جاء الليل تحزمت ثم قامت إِلَى المحراب، وكانت تقول: المحب لا يسأم من خدمة حبيبه". وسئل بعض العارفين عن حاله، فأنشد: من لم يبت والحب حشو فؤاده ... لم يدر كيف تقت الأكباد وروينا من طريق الحسن بن علي بن يحيى بن سلام قال: "قيل ليحيى بن معاذ -يروي عن رجل من أهل الخير- وكان قد أدرك الأوزاعي وسفيان أنَّه سئل: متى تقع الفراسة عَلَى الغائب؟ قال: إذا كان محبًّا لما أَحَبّ الله، مبغضًا لما أبغض الله وقعت فراسته عَلَى الغائب. فَقَالَ يحيى:

(١) في المطبوع: بالأيلة. (٢) في المطبوع: فكانت إذا.

3 / 347