ويسألون فيقال لهم : أتؤمنون بكل ماشاء الله وأراده ؟فإذا قالوا : نعم ، قيل لهم : فيلزمكم أن تقولوا : إن الله ثالث ثلاثة وما قالت المجوس من الإثنين ،وما قال من جحد الله ، لأنهم يزعمون أن كل من قال شيئا من ذلك فبمشية الله وإرادته قاله، فيجب أن يكونوا مؤمنين بقول من قال: إن الله ثالث ثلاثة ، وقول من كفر بالله ، وإن قالوا: لانؤمن بكل ماشاء الله ، وأراد حتما؟ فأنتم إذن كافرون بالإيمان وجميع طاعة الله و?ذلك هو الضلال البعيد? وعلى قياس قولهم يجب أن يكون كل عاص لله مطيعا فيما أمر به ، فيكون عاصيا مطيعا في حال ، ويجب أن يكون الشيطان وجميع الفراعنة مطيعين لله ، لأنهم قد فعلوا ماشاء الله من معاصيه، وإن قالوا من فعل ماشاء الله يكون عاصيا لله فالأنبياء عندهم وكل مؤمن من عصاة الله لأنهم فعلوا ماشاء الله ، ويقال لهم أيشاء الله عندكم الحق والصواب ؟ أم شاء عندكم الباطل والخطأ؟ فإن قالوا: الحق والصواب ، فالكفر عندهم حق صواب ، لأن الله شاءه عندهم وأراده ، وإن قالوا: شاء الله الباطل والخطأ، فالإيمان عندهم باطل غير صواب ، لأنه قد شاء ذلك عندهم.
ويقال لهم : أليس من خلق الله له الشتم وشاء ذلك له ورآه مستحقا لذلك ؟ فإذا قالوا بلى ! قيل لهم: فالأنبياء عليهم السلام عندكم مستحقين للشتم واللعن والتكذيب ، لأن الله شاء ذلك عندكم ممن فعله ونالهم به ، ويقال لهم أليس كل ما يدين به العباد على اختلافهم، قد خلقه الله وشاءه وأراده وإلا فافرقوا ولن تجدوا فرقا إن شاء الله ، وهذا يكثر ممن يحسن أن يخرجه عليهم وإنما ذكرت بعض ما يستدل به من له فهم على غيره والله مشكور وبما هو أهله مذكور.
صفحة ٨٣