فالإيمان الحق الممدوح وأهله النافع فهو إيمان الإنسان نفسه من سخط الله، ومما أوعد من عصاه من عذابه وأليم عقابه ، توقيه ما نهاه عنه واجتنابه ، وفعله ما أمره الله ورسوله به واكتسابه ، ويدخل في ذلك الإقرار والتصديق بالقلب واللسان ،جميع أعمال الجوارح والأركان ، فمن أطاع الله ورسوله ولم يخالفهما فهو من المؤمنين حقا ومن المتقين ؛ لأن من اتقى مولاه لم يفعل ما يسخطه ويخالفه متعمدا ، وهو يعلم أنه يراه ولا يخفى عليه عمله ، وهذا فيما يصح في العقول والأسماع يكون مستخفا بمولاه قليل المبالاة بوعيده إياه ، الذي لا يبلغه وعيد الأليم الشديد ، مع إعلامه أنه لا يخلف وعيده ولا يبدل قوله ، وإنه الصادق العدل في حكمه ، الموفي بوعده ووعيده وصدقه في وعده لا خلاف فيه.
ويقول سبحانه في صدقه في وعيده :?قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد? ويقول جل ذكره :?واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور? ويقول عز وجل :?ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون? في أشباه لذلك ، يعلم الله سبحانه أنه لا يخلف وعيده ، والله المستعان.
صفحة ١٤