103

البر والصلة لابن الجوزي

محقق

عادل عبد الموجود، علي معوض

الناشر

مؤسسة الكتب الثقافية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

فَقُلْتُ: يَا أُمَّاهُ، كَيْفَ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ، إِنَّ لِلْمَوْتِ لَكُرْبَةً شَدِيدَةً، وَأَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ لَفِي بَرْزَخٍ مَحْمُودٍ، نَفْتَرِشُ فِيهِ الرَّيْحَانَ، وَنَتَوَسَّدُ فِيهِ السُّنْدُسَ وَالإِسْتَبْرَقَ إِلَى يَوْمِ النُّشُورِ، فَقُلْتُ: أَلَكِ حَاجَةٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، لَا تَدَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ زِيَارَتِنَا وَالدُّعَاءِ لَنَا، فَإِنِّي لَأُبَشَّرُ بِمَجِيئِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا أَقْبَلْتَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِكِ، يُقَالُ لِي: يَا رَاهِبَةُ، هَذَا ابْنُكِ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ أَهْلِهِ زَائِرًا لَكِ، فَأُسَرُّ بِذَلِكَ، وَيُسَرُّ بِذَلِكَ مَنْ حَوْلِي مِنَ الأَمْوَاتِ " - ٢٠٠ أنبأنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو طَالِبِ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَبَّانِ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قثنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قثنا ابْنُ الْبَرَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعُبَّاسِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: " خَرَجَ رَجُلٌ مَعَ أَبِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِ مَرَّ بِشَجَرِ الدَّوْمِ، فَأَدْرَكَتْ أَبَاهُ الْوَفَاةُ، فَدَفَنَهُ عِنْدَ شَجَرِ الدَّوْمِ، وَمَضَى فِي سَفَرِهِ، فَمَرَّ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَيْلًا، فَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى قَبْرِ أَبِيهِ، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِهِ: أَجِدُكَ تَطْوِي الدَّوْمَ لَيْلًا وَلَا تَرَى ... عَلَيْكَ لِأَهْلِ الدَّوْمِ أَنْ تَتَكَلَّمَا وَبِالدَّوْمِ ثَاوٍ لَوْ ثَوَيْتَ مَكَانَهُ ... فَمَرَّ بِأَهْلِ الدَّوْمِ عَاجَ فَسَلَّمَا " - ٢٠١ أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَنْشَدَنَا عَلِيُّ بْنُ كِنْدَاسٍ « زُرْ وَالِدَيْكَ وَقِفْ عَلَى قَبْرَيْهِمَا ... فَكَأَنَّنِي بِكَ قَدْ نُقِلْتَ إِلَيْهِمَا لَوْ كُنْتَ حَيْثُ هُمَا وَكَانَا بِالْبَقَاءِ ... زَارَاكَ حَبوًا لَا عَلَى قَدَمَيْهِمَا مَا كَانَ ذَنْبُهُمَا إِلَيْكَ وَطَالَ مَا ... مَنَحَاكَ مَحْضَ الْوُدِّ مِنْ نَفْسَيْهِمَا كَانَا إِذَا مَا أَبْصَرَا بِكَ عِلَّةً ... جَزِعَا لِمَا تَشْكُو وَشَقَّ عَلَيْهِمَا كَانَا إِذَا سَمِعَا أَنِينَكَ أَسْبَلَا ... دَمْعَيْهُمَا أَسَفًا عَلَى خَدَّيْهِمَا وَتَمَنَّيَا لَوْ صَادَفَا لَكَ رَاحَةً ... بِجَمِيعِ مَا يَحْوِيهِ مِلْكُ يَدَيْهِمَا غَدًا أَوْ بَعْدَهُ ... حَتْمًا كَمَا لَحِقَا هُمَا أَبَوَيْهِمَا

1 / 141