سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين
محقق
محمد رحمة الله حافظ الندوي
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى / ١٤٢٤ هـ
سنة النشر
٢٠٠٣ م
تصانيف
الاهتمام البالغ بالحجاب:
كانت (ض) تهتم بالحجاب اهتماها بالغا، وقد تأكد ذلك الأمر بعد نزول آية الحجاب (١)، وإذا أرادت أن يدخل عليها أحد من تلاميذها الخواص تأمر إحدى قريباتها - أختها أو بنت أختها - فترضعه، وذلك استنادا إلى حديث خاص من رسول الله ﷺ (٢)، وبالتالي فتكون جدة لذلك التلميذ من الرضاعة، فيدخل عليها (٣)، وإلا فيكون هناك حجاب بينها وبين تلاميذها (٤)، ومن شدة اهتمامها وعنايتها البالغة بأمور الحجاب أنها لم تكن تخالط الرجال في الطواف، «وكانت تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة:
(١) صحيح البخاري حديث الإفك، وقد مر عدة مرات.
(٢) وهو الحديث الذي ذكر فيه رضاعة سالم: عن عائشة (ض) قالت: «جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم، وهو حليفه، فقال النبي ﷺ: أرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟
فتبسم رسول الله ﷺ وقال: وقد علمت أنه رجل كبير» (صحيح الإمام مسلم كتاب الرضاع برقم ١٤٥٣).
وقد أخرجه الإمام أبو داود بتفصيل أكثر وفيه سبب احتجاج عائشة بهذا الحديث، ونصه: جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ... فقالت: يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد، ويراني فضلا (أي متبذلة في ثوب واحد من ثياب محضتي) وقد أنزل الله ﷿ فيهم ما قد علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبي ﷺ: أرضعيه، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، فبذلك كانت عائشة (ض) تأمر بنات أخواتها وبتات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرا، خمس رضعات ثم يدخل عليها» ... (سنن أبي داود كتاب النكاح برقم ٢٠٦١، وانظر كذلك مسند الإمام أحمد ٢٧٢/ ٦).
(٣) هذه المسألة قد تفردت بها عائشة (ض) من بين سائر الأزواج المطهرات، قال الإمام أبو داود في الحديث السابق برقم ٢٠٦١: وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي ﷺ أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدا من الناس حتى يرضع في المهد، وقلن لعائشة:
والله ما ندري لعلها كانت رخصة من النبي ﷺ لسالم دون الناس. (وسوف نتناول هذا الموضع بشيء من التفصيل لاحقا في مبحث المسائل الفقهية الخلافية).
(٤) ورد في صحيح البخاري: كنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف
ثبير ... (كتاب الحج برقم ١٦١٨).
1 / 222