بداية المسرح التسجيلي في مصر: مسرحية الأزهر وقضية حمادة باشا نموذجا
تصانيف
يعالج هذا البحث موضوع «ريادة المسرح التسجيلي في مصر» متخذا من مسرحية «الأزهر وقضية حمادة باشا» نموذجا، ويقصد ببداية المسرح التسجيلي تلك الإرهاصات المبكرة للإبداع المسرحي التسجيلي؛ التي اتكأت على أحداث التاريخ توثقها وتسجلها طبقا للمفهوم العلمي للمسرح التسجيلي وسماته المتنوعة كما جاءت في الدراسات التنظيرية والتطبيقية المترجمة عن الألمان، وكذلك في الدراسات العربية. وقد اتخذت الدراسة من المبدع «حسن مرعي» نموذجا لذلك المسرح، تحديدا في الأنموذج المختار؛ وهو مسرحية «الأزهر وقضية حمادة باشا»، المؤلفة في وقت مبكر عام 1909 من أجل تعقب السمات الفنية للمسرح التسجيلي من خلال التحليل؛ طبقا لمعايير الدراسة التي يتبناها البحث للتحقق من أهدافه المرجوة. (2) أهمية الدراسة وأسباب اختيار الموضوع
تعد دراسة المسرح التسجيلي واحدة من أهم دراسات الأجناس الأدبية لفن له خصائصه الدقيقة والمتميزة ؛ حيث إن خيال المبدع فيه محكوم بأطر فنية وأهداف؛ إذ هو لا ينقل لنا تاريخا واقعا كما هو في سرد الأحداث بالحياة. ومن جانب آخر، فهو لا يخرج عن إطار التاريخ والأحداث، وبين هذه وتلك فإنه لا يقع على مجرد حوادث عابرة، ولكنه يقف إزاء قضية لها قيمتها الاجتماعية والإنسانية، يتبنى منها موقفا ينبثق منه خياله الإبداعي، متجسدا في الرؤى الفنية التي يلبسها للأحداث من خلال مسرحتها، بشكل لا يخل بالحقيقة التاريخية؛ ولكنه تحت قناع المسرح في العمل الفني؛ ومن ثم فإن أهمية هذه الدراسة تتمثل في محاولة إلقاء الضوء على باكورة المسرح التسجيلي ونشأته في مصر عام 1909، قبل أن يبتكره الألمان في ستينيات القرن العشرين تطبيقا وتنظيرا، كما أكدت على ذلك بعض الدراسات الحديثة.
ومن زاوية أخرى، فإن الدراسة تحاول أن تميط اللثام عن أحد رواد هذا اللون المسرحي في مصر؛ لتستوضح مدى الدور الريادي الذي يمكن أن ينسب إليه بوضعه على محك معايير التأليف في هذا الفن، ومن ثم يمكن دحض ما أقرته بعض الدراسات العربية من أن مصر وليبيا عرفتا هذا اللون المسرحي في سبعينيات القرن العشرين.
1
هذا بالإضافة إلى أن ندرة النص المسرحي الذي تتناوله الدراسة في هذا الفن يجعل منه قيمة جديرة بالدراسة؛ للتحقق من سمات الإبداع الفني فيه، في وقت عاش فيه المؤلف أحداثه ورصدها فنيا، ومنع فيه العمل من التمثيل؛ حيث لا تتوافر - على حد تعقبي للموضوع - من العمل المطبوع غير نسختين؛ الأولى: محفوظة بدار الكتب المصرية وممنوع الاطلاع عليها بسبب تمزقها وتهالكها،
2
والأخرى: محفوظة بالمركز القومي للمسرح والموسيقى: وهي في حالة جيدة نوعا ما، وهي النسخة التي اعتمدت عليها الدراسة. (3) الدراسات السابقة
لم تعن دراسة سابقة - على حد اطلاعي - بتناول أعمال حسن مرعي بالدراسة والتحليل من أية وجهة فنية؛ ناهيك عن مسرحيته «الأزهر وقضية حمادة باشا» على وجه الخصوص، إلا أننا إذا نظرنا إلى الموضوع من دائرة أوسع فيما يخص المسرح التسجيلي: تاريخه وتحديد مفهومه؛ فإننا نجد هناك دراسات عديدة نظرية وتطبيقية تتناوله - خصوصا عن الكتاب الغربيين - ومن هذه الدراسات: معالجة جلال العشري - في صفحات قليلة - مفهوم المسرح التسجيلي في كتابه «لن يسدل الستار: اتجاهات المسرح المعاصر» الصادر عام 1967؛ حيث وضح دور بيتر فايس في ازدهار هذا اللون المسرحي من خلال الإشارة إلى بعض مسرحياته. وتناول الدكتور يسري خميس في تقديمه لمسرحية «مارا صاد»، لبيتر فايس، المنشورة في سلسلة روائع المسرحيات العالمية عام 1967، مفهوم المسرح التسجيلي، وحدد عناصره، وتبنى رأيا يذهب إلى أن الكتاب الألمان هم المؤسسون الفعليون للمسرح التسجيلي.
وتعد دراسة بيتر فايس عن المسرح التسجيلي، التي نشرت لأول مرة في مارس 1968 بمجلة
Theater Heute
صفحة غير معروفة