فتساءل حسنين في جزع: كيف نطيق هذه الحياة؟
فارتسمت على شفتي حسين ابتسامة حزينة. كان يشارك أخاه حزنه وقلقه، ولكنه رأى من الحكمة أن يقف منه موقف المعارضة فقال: كما يطيقها الكثيرون. أم حسبت الناس جميعا يحظون بأب كريم ورزق موفور؟! ومع ذلك فهم يعيشون ولا ينتحرون.
فامتلأ حسنين غيظا، وهو يحدق في وجه أخيه، وهتف به: لشد ما يحنقني برودك.
فقال حسين مبتسما: لو جاريتك في عواطفك لركبك اليأس وأجهشت باكيا.
فقال حسنين بسخط: إن من يستسلم للأقدار يشجعها على التمادي في طغيانها!
فابتسم الآخر ابتسامة ساخرة وقال في شبه دعابة: هلم نثر عليها، دعنا نهتف لتسقط الأقدار كما هتفنا: ليسقط هور. - ألم تفدنا ليسقط هور؟! - هيهات أن تفيدنا الأخرى!
وقطب حسنين في كدر وتساءل: من لنا الآن؟
فابتسم حسين ابتسامة عريضة فرطحت أنفه الذي بدا في تلك اللحظة شبيها بأنف أمه الغليظ، وقال باقتضاب: الله!
وزاد الجواب من حنقه! إنه لا يشك في هذا، ولكنه لا يقنع به. الله للجميع حقا، ولكن كم في الدنيا من جائع ومصاب! لم يتنكر يوما لعقيدته ولكنه يتلهف في خوفه على سبيل محسوس للطمأنينة. وتوهم أن أخاه يحرجه ليتخلص منه فتشبث بعناده وقال: لقد شاء أن يأخذ والدنا ويتركنا بلا معين!
فقال حسين وكأنه يمعن في إثارته: هو المعين.
صفحة غير معروفة