161

البداية والنهاية

الناشر

مطبعة السعادة

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التاريخ
تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ. قَالَ وَمن يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) ١٥: ٥١- ٥٦ وقال تعالى هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلامًا قال سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ. فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ. فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قال أَلا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ في صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ. قالُوا كَذلِكَ قال رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ٥١: ٢٤- ٣٠ يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا وَكَانُوا ثَلَاثَةً جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ لَمَّا وَرَدُوا عَلَى الْخَلِيلِ حسبهم أَضْيَافًا فَعَامَلَهُمْ مُعَامَلَةَ الضُّيُوفِ شَوَى لَهُمْ عِجْلًا سَمِينًا مِنْ خِيَارِ بَقَرِهِ فَلَمَّا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَرَ لَهُمْ هِمَّةً إِلَى الْأَكْلِ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيْسَ فِيهِمْ قُوَّةُ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّعَامِ (فَنَكِرَهُمْ) إِبْرَاهِيمُ (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) ١١: ٧٠. أَيْ لِنُدَمِّرَ عَلَيْهِمْ فَاسْتَبْشَرَتْ عِنْدَ ذَلِكَ سَارَةُ غَضَبًا للَّه عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ قَائِمَةً عَلَى رُءُوسِ الْأَضْيَافِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ فَلَمَّا ضَحِكَتِ اسْتِبْشَارًا بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمن وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) ١١: ٧١ أَيْ بَشَّرَتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ) ٥١: ٢٩ أي في صرخة (فَصَكَّتْ وَجْهَها) ٥١: ٢٩ أَيْ كَمَا يَفْعَلُ النِّسَاءُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ (وقالَتْ يَا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخًا) ١١: ٧٢ أَيْ كَيْفَ يَلِدُ مِثْلِي وَأَنَا كَبِيرَةٌ وَعَقِيمٌ أيضا وهذا بعلي أَيْ زَوْجِي شَيْخًا تَعَجَّبَتْ مِنْ وُجُودِ وَلَدٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَلِهَذَا قَالَتْ (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمْرِ الله رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) ١١: ٧٢- ٧٣ وَكَذَلِكَ تَعَجَّبَ إِبْرَاهِيمُ ﵇ اسْتِبْشَارًا بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتًا لَهَا وَفَرَحًا بِهَا (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ من الْقانِطِينَ) ١٥: ٥٤- ٥٥ أَكَّدُوا الْخَبَرَ بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ وَقَرَّرُوهُ مَعَهُ فَبَشَّرُوهُمَا (بِغُلامٍ عَلِيمٍ) ١٥: ٥٣. وَهُوَ إِسْحَاقُ وَأَخُوهُ إِسْمَاعِيلُ غُلَامٌ حَلِيمٌ مُنَاسِبٌ لِمَقَامِهِ وَصَبْرِهِ وَهَكَذَا وَصَفَهُ رَبُّهُ بِصِدْقِ الْوَعْدِ وَالصَّبْرِ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمن وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) ١١: ٧١ وَهَذَا مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ وَأَنَّ إِسْحَاقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْمَرَ بِذَبْحِهِ بَعْدَ أَنْ وَقَعَتِ الْبِشَارَةُ بِوُجُودِهِ وَوُجُودِ وَلَدِهِ يَعْقُوبَ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْعَقِبِ مِنْ بَعْدِهِ وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ أَحْضَرَ مَعَ الْعِجْلِ الْحَنِيذِ وهو المشوي رغيفا من مكة فِيهِ ثَلَاثَةُ أَكْيَالٍ وَسَمْنٌ وَلَبَنٌ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُمْ أكلوا وهذا غلط محض وقيل كانوا يودون أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ وَالطَّعَامُ يَتَلَاشَى فِي الْهَوَاءِ. وَعِنْدَهُمْ أن الله تعالى قال لإبراهيم أما سارا امْرَأَتُكَ فَلَا يُدْعَى اسْمُهَا سَارَا وَلَكِنِ اسْمُهَا سَارَةُ وَأُبَارِكُ عَلَيْهَا وَأُعْطِيكَ مِنْهَا ابْنًا وَأُبَارِكُهُ ويكون الشعوب وَمُلُوكُ الشُّعُوبِ مِنْهُ فَخَرَّ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ يَعْنِي سَاجِدًا وَضَحِكَ قَائِلًا فِي نَفْسِهِ أَبَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ يُولَدُ لِي غُلَامٌ أَوْ سَارَةُ تَلِدُ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهَا تِسْعُونَ سَنَةً. وَقَالَ إبراهيم للَّه تعالى ليت إسماعيل يعيش قد أمك فَقَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ بِحَقِّي إِنَّ امْرَأَتَكَ سَارَةَ

1 / 161