لا بد من دراسة الفلسفة، ليس من أجل الحصول على أجوبة محددة على الأسئلة التي تطرحها، ما دام من غير الممكن التيقن عموما من صحة أي أجوبة محددة، بل لا بد من دراستها من أجل الأسئلة نفسها؛ لأن هذه الأسئلة توسع مداركنا لكل ما هو ممكن، وتثري قدرتنا على التخيل الفكري، وتقلل من اليقين الجازم الذي يغلق العقل أمام التفكر؛ بل والأهم من ذلك، لأن العقل يصير عظيما نظرا لعظمة الكون الذي تتفكر فيه الفلسفة، ويصبح قادرا على ذلك الاتحاد مع الكون الذي يؤلف الخير الأسمى.
بأي مقياس يختاره المرء نجد أن راسل من العقول العظيمة؛ إذ كان يتفكر في مجالات كثيرة. لقد أسهم في تغيير مسار الفلسفة ومنحها طابعا جديدا. قلة نادرة من شخصيات التاريخ هي التي يمكن - كل في مجال نشاطه - أن توصف بهذا الوصف. وحتى في هذه الحالة، حقق بعض هؤلاء مكانتهم بالصدفة أو حقق بعضهم إنجازا وقتيا واحدا، كما هي الحال مع ألكسندر فليمنج وجافريلو برينسيب، وذلك للخير والشر على التوالي. لكن في المقابل، أنجز راسل هذه المكانة بوسيلة بارزة؛ بعدد كبير من الكتب والمقالات والمحاضرات على مدى سنوات طويلة، وفي عدة قارات؛ ومن ثم فهو شخصية ملحمية بحق، شأنه شأن أرسطو ونيوتن وداروين وأينشتاين.
هوامش
الأعمال المقتبس منها داخل النص
The Autobiography of Bertrand Russell,
one-volume edn. (Unwin Paperbacks, 1975).
The Analysis of Mind (Allen & Unwin, 1921).
The Analysis of Matter,
paperback edn. (Routledge, 1992).
Human Knowledge: Its Scope and Limits (Allen & Unwin, 1948).
صفحة غير معروفة