عقيدة الإيمان باليوم الآخر وآثرها في إصلاح المجتمع

عبد المجيد بن محمد الوعلان ت. غير معلوم
2

عقيدة الإيمان باليوم الآخر وآثرها في إصلاح المجتمع

تصانيف

المقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)﴾ [الحشر: ١٨]. أما بعد: فإن عقيدة الإيمان باليوم الآخر من قضايا العقيدة الأساسية التي جاء بها الإسلام، والتي يقوم عليها بناء هذه العقيدة بعد قضية وحدانية الله. والتي لا يقوم هذا الدين عقيدة وتصورًا وخلقًا وسلوكًا وشريعة ونظامًا إلا عليها وبها. إن الحياة الحقيقة في الإسلام تمتد في الزمان فتشمل الفترة المحدودة التي يشهدها الإنسان - فترة الحياة الدنيا - وفترة الحياة الآخرة التي يمتد مداها أبد الآبدين. (ولما كان الارتباط بين حياتنا هذه وحياتنا الآخرة وثيقًا، إذ كانت هذه الحياة بمثابة الحرث والزرع، وكانت الآخرة بمثابة الجني والحصاد، كان لابد للإنسان من أن يعلم عن حياته الآخرة ما يدعوه للاستعداد لها، وإقامة حياته الدنيا على النمط الذي يحقق له في الآخرة خيرًا وفضلًا. ولما كانت الآخرة غيب لا يستطيع أصحاب العقول الثاقبة، والقلوب المبصرة اختراق حجبها فضلًا عمن دونهم، فإن الله تعالى تولى إخبارهم عن مسارهم في رحلتهم بعد الحياة، وعن مصيرهم المحتوم، ومزج الحديث عن الحياة الآخرة بالحديث عن هذه الحياة مزجًا يجعلهما متداخلين، تحقيقًا لإصلاح النفوس وتقويمها، في عالم تدأب فيه مخلوقات كثيرة بشرية وجنية على العمل لإضلال العباد وإبعادهم عن جادة الصواب) (^١). وتأتي أهمية هذا البحث في هذا الوقت الذي انشغل فيه كثير من الناس بالدنيا وما فيها من المتاع فنسوا اليوم الآخر. وأخذ فيه بعض الكتاب يشككون في ظهور ما أخبر به القرآن وما أخبر به الرسول ﷺ، أو يصرفون النصوص عن ظاهرها، أو يؤلونها ويحكّمون عقولهم فيها، بل وصل الحال ببعضهم إلى تكذيب كثير مما يجري في الآخرة مما صحت به الأخبار، وعمدتهم في ذلك مقاييس عقلية لو دققوا النظر فيها لتبين فسادها، ولو تعمقوا في علوم الآخرة لبان لهم أن الآخرة غير الدنيا، وأن مقاييس وموازين الآخرة مخالفة لما عليه الحال في الدنيا.

(^١) انظر: عمر الأشقر - اليوم الآخر، القيامة الصغرى، ص ٧، ط. السادسة، دار النفائس، الأردن، ١٤١٥ هـ.

1 / 2