المقدم ذكرها حتى لينت عليه بدهن المعقود والشيرج الطري، فلما أطعم ما وصفنا من العلاج ولأن عليه بدنه نتف منه بدنه وذنبه، وأطعم العصافير والمخاليف الطرية، ومن البشتمازك ومعه شيء من الدهن المذكور، فخرج نقيا حسنا، وكان افره من كل باشق قرنص معه في بيته، وكان من الفراهة على طير الماء بما لم يكن غيره. وصاد الغربان السود وكان تضرب له الطبول كما يعمل به على طير الماء، فلا يرجع عنها، ولم أره قط رجع عن طريدة يرسل عليها وأقام على ما ذكرناه سنين مبقي الفراهة ونحن نذكر ما نعرفه من البواشق الفره وما جرى مجراها إن شاء الله.
ولقد كان عندي باشق فاره على كل طريدة، وذلك أنه كان يصيد من البحريات أحمر، وتسمى السقرون، ثلاثة وما أصاب من قليل وكثير على مقدار ما يستوي له صاده، وكان موكبا من فراهته وأول ما صاد عندي الغراب الأسود بكسيرة، ثم بعد ذلك كنت أقف على كوم عين شمس وتطير من بركة الكوم الغر، فأرسله عليها فلا يرجع عنها، وأقام على ذلك سنين لم يتغير من فراهته شيء، حتى دخل بعد أربع سنين القرنصة، فأصابته في السنة الخامسة في وسط القرنصة على لا يعرف لها علاج تسمى الذباح، في حلقة تمنع ما يدخل فيه وما يخرج منه، ولا يقدر على إلقاء الرمج حتى يموت ولم يلبث الطير أكثر من بكرة إلى عشية أو من بكرة، ثم أنه مات في المدة التي ذكرناها فشققنا حلقه فوجدنا فيه غدة مفترشة بقدر الترمسة أو أصغر منها بيسير
صفحة ٥٧