وجلست هي على الكنبة في تراخ مشعثة الشعر، منتفخة العينين، فاترة النظرة شبه عابسة كأنها لم تعرف اللعب. وخيل إليه أنها كبرت أعواما فسرعان ما شعر بالكبر، وبأن كل شيء زائل. وتثاءبت طويلا بصوت كالأنين، ثم قالت وكان أول ما نطقت به منذ استيقاظها: هذا أوان الذهاب.
فتساءل: لم العجلة؟
فتمتمت: انتهت الليلة ، ولدي عمل ومواعيد.
ثم رأى حركة لم يكن يتوقعها. رآها تميل نحو التواليت، ثم تفتح الدرج وتسترد الجنيهين من مكانهما، ثم تعيدهما إلى حقيبتها، وقد تثاءبت مرة أخرى. ما معنى هذا؟ .. وسألها في حيرة: أأنت في حاجة إلى نقود؟ - كلا، أخذت ما اتفقنا عليه فقط.
فتساءل في دهشة وكآبة: أي اتفاق يا عزيزتي؟ - الاتفاق، نسيت؟
فضحك ضحكة بلهاء، وقال: الظاهر أنك أنت التي تنسين!
ولم تعن بالرد، فقال بجزع: شيء عجيب، النقود لا تهمني، ولكنك قلت أمس .. أنسيت حقا؟!
وقال لنفسه إما أنني مجنون وإما أنها مجنونة. ثم قال عابسا: ما لك؟ ماذا جرى؟ خبريني من فضلك؟
فابتسمت ابتسامة باردة وهي تتساءل: أتريد أن تأخذ دون أن تعطي؟ - قلت إنك لا تأخذين عندما ترضين!
فرمقته بنظرة غريبة، ثم قالت: أردت أن أهبك ليلة سعيدة، هذا كل ما هنالك.
صفحة غير معروفة