بيد أنها عادت فسقطت في أيدي المسلمين، وهدمت بكاملها. ولقد حدث مؤرخ الحروب الصليبية عنهم أنهم قوضوا وقلبوا كل شيء، حتى الأرض التي وطئها المسيحيون؛ هدموا بيوتهم ومعابدهم ومآثر صناعتهم وتقواهم وقيمهم، أبادوا كل شيء بالحديد والنار، مع أن مسجد بيروت الهام هو من صنع المجاهدين الصليبيين. والسيد بوجولا - رفيق السيد ميشو في سفره وزميله - قد أكد أن هذا المسجد هو الكنيسة عينها التي كرسها الصليبيون على اسم القديس يوحنا.
7
إن الأبراج التي كانت لا تزال قائمة بحالة حسنة، قبل هجوم الإنكليز والنمساويين، هي أيضا - ولا شك - مأثرة من مآثر الصليبيين.
كانت البلدان الإسلامية تعتبر - وهذا ما يزعمه السيد ميشو
8 - بيروت عاصمة لها، ثم إن الملوك والأمراء الذين تنازعوا - فيما بينهم - السيطرة على مدن الجوار، كانوا يدخلون هذه المدينة ليبسطوا فيها عظمة تتويجهم.
9
إن تاريخ بيروت الحديث معلوم ومعروف؛ ولهذا أرى أن ذكر الحوادث التي قام بها الأمير فخر الدين، وضاهر العمر، والجزار هي عديمة المنفعة.
فلنكتف إذن بالقول إن هذا الباشا الأخير - ذا التاريخ الدامي (الجزار) - هو الذي انتزعها إلى الأبد من الأمراء الدروز، وحين لم تبق مقرا لأمراء لبنان وإقطاعة لهم، أمست ذات أهمية ضئيلة جدا.
ثم حدث أن احتمى أحمد الجزار عند الأمير يوسف شهاب لما هرب من مصر. وعلى الرغم من أن الأمير يوسف قد استقبله استقبالا حفيا وجعله - فيما بعد - «متسلما» في بيروت، فقد نوى على أن يحتل المدينة، وشرع يحصنها.
وعندما أصبح الجزار باشا عكا - وهذا ما نراه فيما بعد - دعا المحسن إليه الأمير يوسف، حتى إذا ما أصبح في قبضة يده أمر بذبحه.
صفحة غير معروفة