إن جميع هذه الأسئلة تؤكد لكم مرة أخرى جهلنا الكبير في أوروبا ما يمت إلى آثار نهر الكلب بصلة، وبأي جزع تنتظر الطبقة المثقفة المعلومات الحديثة عنها التي استقيتموها استقاء لم تسبقوا إليه أو عرفتموها بعد معاينتكم تلك الأمكنة.
جواب (بيروت، في 5 كانون الأول 1834)
إني لم أتسلم إلا منذ حوالي عشرين يوما الرسالتين اللتين شرفتموني بكتابتهما إلي بتاريخ 25 حزيران وأول أيلول.
إني أجهل السبب الذي أخر وصول الرسالة الأولى في حينها، وآسف كل الأسف أن يحول هذا التأخير دون إشباع رغبتكم بأسرع ما يمكن. إن هذا التأخير قد أضر بي أيضا فحال دون إتمام معلوماتي التي كان يستطاع إكمالها بسهولة في فصل الصيف الجميل ومعونة السيد بونومي الذي كان عندنا.
ولما كنت قد وهبت الرسم الذي تشرفت باطلاعكم عليه، وكانت أشغالي لا تسمح لي بعد عودتي أن أهتم بغير مشاغل وظيفتي، فقد اضطررت للقيام خصوصا برحلة إلى نهر الكلب لأمدكم بالمعلومات التي أجد بعض اللذة في نقلها إليكم.
ولما كانت رسائلكم تشتمل على طائفة من الأسئلة، فقد فكرت في أن أجيب عليها بعد استعراضها ثانية؛ لأني إذا لم أرو غليلكم في كل شيء فستعقدون أني تعمدت ذلك.
أظن أني لم أكن المكتشف الأول لآثار نهر الكلب التي هي على مرأى من المارة، وقد أكون المكتشف الأول للتي فوق الطرق بمعزل عن الناس؛ والذي يثبت ذلك هو أن السائحين لم يتحدثوا عنها إلا بعد أن أرشدتهم إليها. لقد أخذت صورة عنها عام 1808 قدمتها إلى والدي فأعطاها هو إلى الذين جاءوا إلى زيارتها ورؤيتها. إن غيابي الذي استغرق فترة ثلاث سنوات لم يسمح لي أن أعرف أسماء السياح الذين مروا بطرابلس حتى عام 1812 معرفة دقيقة.
نقلت حينذاك قسما كبيرا من المخطوطة المسمارية. وأما اللوحة رقم 6 فقد ظننت أنها إغريقية، وهذا تقدير بحت أوحاه إلي الشكل المربع الذي حافظت عليه الحروف حتى يومنا هذا، وإن لم يكن يستطاع تمييزها أو معرفة واحد منها. فهل تكون صفة اللغة المزدوجة التي أطلقت على مخطوطات نهر الكلب عائدة إلى نوعي حروف المخطوطات؟ يجب أن أعتقد ذلك. إلا أنها تصير غير قابلة التصديق بالنظر إلى المخطوطتين المسمارية والهيروغليفية؛ هذا إذا لم يكن تلاز هذين الأثرين (رقم 8 و9) قد حمل على اعتبارهما أثرا واحدا.
من الممكن أن يكون بعض العارفين قد اكتشفوا آثارا للحروف المسمارية في أسفل وجوه اللوحة المصرية. أما أنا فلا يمكنني أن أجازف بأية فكرة من هذا النوع. إني أقول فقط إن هذه الافتراضات يمكن أن تفسر وتوضح من السيدين بونومي وكاترفود اللذين اصطحبا إلى إنكلترا رسوما جد صحيحة عن آثار نهر الكلب، لا بل الطبعة نفسها عن الأثر ذي الرقم 9.
والسيد بونومي - وهو نحات ومهندس مشهور متخصص بدراسة الحروف الهيروغليفية - لم يدخر، ولا ريب، بعد أن نقل طائفة كبيرة منها أثناء تجواله والسيد شامبوليون، شيئا من وسعه ليقرأ كل ما تستطاع قراءته في نهر الكلب.
صفحة غير معروفة