قردة بالنهار يأخذن في التحول والتبدي إلى فتيات فاتنات مع غياب الشمس ودخوله الليل الفطيس، يعجن العجين، ويخبزن ويطعمن حيوانات البيت الأليفة أو الجبانة.
ملوك تهتك عروشهم، حللهم الملكية جلودهم في مواجهة رعاياهم خصيانهم، ويتسمون في اليمن الغابر بمزيقيا.
بهائم ترعى في الجدب وتراب الأرض بدلا من المراعي المزهرة المحيطة الفارغة، حتى لا تسمن وتشبع فتشطح ناطحة أصحابها؛ حكامها السلطويين الخونة.
هداهد وطواويس متلصصة كمثل شرطة القمع والمباحث، الناس داخل الأقبية المفضية إلى مدن البيع والشراء بالصلاة على النبي، بل وبلا صلاة واستنجاء، تأخذ حاجتها ... ما يكفيها وتمضي، والويل للخونة اللصوص الجشعين، العثمانيين، الصول الخائف المرتعد منه في محنة سعاره على مشارف عمان وتلالها يحتمي بالجدران، بطوب الآجر الأحمر، يداه على وجهه كمن يخفي عينيه، يحتمي بالرمال والتراب لتؤويه، يخاف الطرد المحقق في كل الأحوال، العصور.
حاول إدخال البهجة إلى نفسه قائلا: خايف مني.
اعتدل جالسا على حافة السرير، ومضى يتخفف من خفيه معانيا في تذكر ما حدث: تلك القهوة اللعينة.
انثنى يدلك معدته متلويا حين طالعته صورته في المرآة على هيئة شخصيات فان جوخ، جاحظة العينين، الشمامين، بجلودها السوداء المشققة تحت معارك الألوان الهستيرية أو الانتقامية، تتحسر مسندة على الجدران الصماء التي لا ترد تحية، صدى لصوت، دوي انفجار، ماذا حدث؟
ساءه وضعه إلى حد أنه تسند واقفا، منكفئا مقررا إخراج مواد حقيبته، كراساته، الناس وزواحف الأرض الزانية والفتانة وناكرة الجمائل، أين هي حكايات الموتى؟ آثار أقدامهم؟ حكمة السلف من صالح لطالح؟ ما يحدث على المحاور، وعبر الساحات المحترقة بالقار والنفط، المانيكانات الشمعية المسيجة بالمرايا في الأسواق التجارية، كنب الأرصفة، الباروكات، وسينمات السيكس آبيل، وجيمس بوند، والأميركان جوجولو.
وجه العالية سليبة الإرادة بجدائلها وردفيها على وهج ألسنة الموقد النحاسي، تسقط على وجهها سائحة كشمع قاتم.
لو أن شخوصه تحركت من حوله، أخذته معها من حيث جاءت، لو أنه سمع صراخ الأخت الكبرى الضامرة إلى حد طفلة داخل رحم محذرة: ما تشرب من القهوة دي.
صفحة غير معروفة