إن كلمة «ماما» أقرب إلى لفظة أم العربية، ولقد سمعت بين أهل البادية وبين بعض أهالي فلسطين غير المتحضرين كلمة «ميمه»، وهي من أميمة تصغير التحبب في مناداة الأم، وهناك أساليب أخرى وكلها عذبة يهتدي إليها القلب العربي لينادي الأم المحبوبة التي تسهر على مهودنا، وتملأ خلايا حياتنا. فما شأن «نينا» غير العربية وشأننا والحالة هذه؟ •••
وفي الختام أقول: إن «لجنة الامتحان» الممثلة في صادق أفندي قد تحكم بأني غير ناجحة في هذا الامتحان، وإني من الراسبين الذين يرشحون نفوسهم أحيانا للانتحار. قد تحكم «اللجنة» بذلك لأني لم أقل باستبدال جميع الألفاظ الغريبة استبدالا سريعا عاما بألفاظ عربية.
لا بأس، لا بأس؛ فالزمان يغير الأحكام، إذ ندرت الأحكام المعصومة من الغلط.
وكيف يجرؤ امرؤ على الحكم في حين ما زال عندنا السردار والحكمدار والبكباشي ... إلخ إلخ، حتى بعض الإشارات الرسمية والأوامر العسكرية غير عربية؟ وفي حين ما زال الباشا المصري، والبك المصري، والأفندي المصري باشا وبيكا وأفنديا بالتركية؟!
لا ضير من الحكم أيا كان، كما أن اللغات الأجنبية لا تضيرها الألفاظ العربية المندمجة فيها، وليشهد الشهود أن العبرة ليست بترجمة كلمة من لغة إلى لغة، وأن لفظة «أميرال» التي تطلق على أمير جيش البحر، أو قائد الأسطول الإنجليزي مثلا - وهي من أصل عربي - لا تنال من قوة ذلك الأسطول، ولم تمنعه من نشر الراية البريطانية في أربعة أقطار الدنيا ... •••
هنا أورد فقرة جاءت في الصفحة الأخيرة من رسالة «الاشتقاق والتعريب»، التي وضعها الأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي عضو المجمع العلمي بدمشق، ليبدي رأيه في اللغة وتطورها، فقال بقبول اللفظة الغربية مع العربية أو المعربة واعتبارها مرادفة حتى تشيع ويتلقفها الفهم، ثم قال:
إذا تنكرنا لتلك الكلمات الدخيلة وأسأنا بها الظن وقلبنا لها ظهر المجن وعملنا على طردها من بين أظهرنا، أخشى أن يدركها الحنق علينا وتعمل على الانتقام منا؛ فتغري بنات جنسها - أعني: الكلمات المعربة كلها من قديم وحديث - بالاعتصاب العام، ويصممن على الجلاء والانسحاب من بين سطور لغتنا وبيوت أشعارنا. وبديهي أن كلمة «الله» تكون معهن ؛ لأنها سريانية أو عبرانية، وما ظنك بفئة «الله» معها؟ لمن يكون الفلح والنصر والغلبة؟ لا جرم أن تلك الكلمات الدخيلة الأعجمية الأصل التي لا عداد لها، لو غادرت لغتنا لأبقت فيها فراغا واسعا يعسر علينا أن نملأه بكلمات عربية أصلية؛ من ذلك عدة آيات وأحاديث إذا غادرتها كلماتها الأعجمية مست الحاجة إلى أن يخلفها غيرها من العربية المحضة، وفي هذا ما يدعو إلى وقف دورة الفلك وإعادة ما مضى من الزمن وتجديد أمر البعثة وإنزال الوحي.
اللهم غفرا!
النشيد القومي المصري
بزغت علينا شمس اليوم ومعها تصريح «لجنة ترقية الأغاني القومية» بوقوع اختيارها على النشيد الذي وضعه شوقي بك ليكون نشيدا وطنيا، وكانت هذه اللجنة قد فتحت مسابقة بين الشعراء المصريين؛ فاجتمع لديها 56 نشيدا حاز الأسبقية بينها نشيد شوقي بك، فطرحته على أهل الفن لتلحينه وضبطه بالعلامات الموسيقية ليصير النشيد الرسمي، ويتغنى به الناس في اجتماعاتهم.
صفحة غير معروفة